تأملات وقراءات فى الصلاة الربانية الجزء الثانى


 

                متى 6: 9- 13  , لوقا 11: 2- 4

                              الجزء الثانى

مقدمة

بعد أن تعرفنا على الصلاة الربانية أجمالاوأنها تنقسم ألى قسمين 1- قسم يختص بمكانة الله وطلباتنا أولا تقديس أسم الله ومشيئته2- قسم يختص بأحتياجاتنا ,وعرفنا أننا نضع الله فى المكان الأول وبعد ذلك نضع أحتياجتنا ورغباتنا ولو وضعنا ربنا فى المكان الصحيح الأول تأتى طلباتنا ورغباتنا بصحتها وسلامتها لأن ساعات الأنسان بيقول أنا مش عارف الكلام اللى أنا بأطلبه ده صح أو غلط و أصللى علشانه او مأصليش وأطلبه من ربنا أو لأ ,فلو أحنا بنعطى ربنا المكانة الأولى والمكانة الصحيحة فطلباتك ستأتى صحيحة بعد هذا ولذلك صلواتنا ما تبقاش محاولة لأخضاع ربنا لمشيئتنا ولكن لأخضاع مشيئتنا نحن لأرادة ربنا ونقول لتكن مشيئتك والحقيقة طلباتنا بتنقسم لثلاثة أحتياجات وننتبه لهذالتعبير الجميل فنحن فى الصلاة الربانية بنضع أمام ربنا الماضى و الحاضر والمستقبل ,فأولا نعطيه الحاضر ونقول خبزنا كفافنا وأعطينا اليوم وهذا هو حاضرنا يا رب وأذا كان الخبز هو قوام الحياة فنحن نضع حاضرنا بين يديك ما أنت أبونا وثانيا نقول أغفر لنا ذنوبنا يعنى بنضع ماضينا فى يده فنطلب الغفران عن الأشياء التى فعلناها والعك اللى عملناه قبل كده بدم أبنك وثالثا نقول لا تدخلنا فى تجربة لكن نجينا من الشرير يعنى بنضع مستقبلنا أمامه لا تجعل فى طريقنا أى غلط ندخل فيه والمستقبل مضمون فى أيديك بأرشاد الروح القدس أذا الحاضر نطلبه من ربنا والماضى بنعطيه لربنا والمستقبل بنضعه فى يد ربنا وكما قلت سنتعرف على عمق الصلاة الربانية وكيف نستطيع أن نصليها وقد أيه أحنا بنخطىء فى حق الصلاة الربانية من كتر تكرارها بأستهانة وبعدم وضوح ذهن وبالتالى بنتحرم من حاجات كثيرة جدا ناسيين أنها الصلاة المضمونة فى أستجابتها لأن من ضامنها هو قائلها وهو ربنا نفسه فهذه الصلاة هى الصلاة التى لا يمكن أن يقول الله مش حأسمعها لأن هو اللى قالها وهذا ما تعلمه لنا كنيستنا أنه فى بداية ونهاية صلواتنا بنقول أبانا الذى …وكأن بداية صلواتنا وتقدمنا لمحضر الله لا يكون إلا من خلال اللى هو علمه لينا وأيضا خروجنا من محضر الله وأنهائنا للصلاة بيكون بنفس الصلاة اللى هو قالها لينا ,ففى بداية الصلاة وفى نهاية الصلاة كأن الكنيسة بتقول لينا أفتكروا وأنتم داخلين للصلاة أو أنتم خارجين من الصلاة أنك بتكلم أبوك ولذلك وأنت داخل الصلاة ضع مشاعر البنوة ومشاعر الفرح للقاء الأب وأيضا وأنت خارج من الصلاة عندك أحساس بأن اللى كنت عنده وطلبت منه هو أبوك و أبوك مش ممكن يعطيك حاجة وحشة ,الكنيسة بتعلمنا ذلك من أجل أحساس البنوة أنه يكون موجود بداخلنا ونحن نتكلم مع أبونا اللى نحن واثقين فيه وأحنا مقربين منه وليست هى علاقة بين العبد وبين خالقه أو إلهه ولكن علاقة الأبن بأبوه ولذلك كانت مشكلة العهد القديم ففى أشعياء 1: 2 2اِسْمَعِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَأَصْغِي أَيَّتُهَا الأَرْضُ لأَنَّ الرَّبَّ يَتَكَلَّمُ: «رَبَّيْتُ بَنِينَ وَنَشَّأْتُهُمْ أَمَّا هُمْ فَعَصُوا عَلَيَّ. ربنا هنا صعبان عليه وكان حازن قلبه لأنه ربى بنين وعامل الأنسان فى العهد القديم كبنين أوكأبن و نشأه وأهتم بيه و راعاه لكن للأسف عصى الأنسان ربنا وبعدين ربنا يقول فى ملاخى 1: 6 6الاِبْنُ يُكْرِمُ أَبَاهُ وَالْعَبْدُ يُكْرِمُ سَيِّدَهُ. فَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَباً فَأَيْنَ كَرَامَتِي؟ وَإِنْ كُنْتُ سَيِّداً فَأَيْنَ هَيْبَتِي؟ قَالَ لَكُمْ رَبُّ الْجُنُودِ أَيُّهَا الْكَهَنَةُ الْمُحْتَقِرُونَ اسْمِي. وَتَقُولُونَ: بِمَ احْتَقَرْنَا اسْمَكَ؟فشل الأنسان أنه يتمتع بالبنوة فى العهد القديم ولكن فى العهد الجديد هذه هى علاقتنا بربنا وهذه هى بداية صلواتنا وهى أيضا نهاية صلواتنا وكأننا نقول لربنا أنت يا رب ربيت بنين وأحنا فرحانين ببنوتنا ليك ومش حانعصاك ولكن سنخضع لك ,نعم أنت ربيت بنين نعم الأولانيين عصوك وما تزعلش لكن أحنا حنطاوعك وسنكون بنين ليك وثبتنا يا رب فى بنوتنا ليك , لأن الأنسان وهو بينطق هذه الكلمة وبيقول لربنا أبانا  بيقوله أنت أبويا وخلينى دايم فى هذه البنوة وطبعا من الجميل أن الأنسان وهو يصلى يبقى فاهم ومدرك معانى أبانا الذى  ولا تكون حاجة بتتكر لكن جميل جدا أن الأنسان يتمتع بالكلام وهو بيقوله ويصليه وبعد أن تعرفنا لماذا أطلق عليها الصلاة الربانيه؟و ماهى مشتملات الصلاة الربانية؟و ما هى مميزات الصلاة الربانية؟و ما هى ممارسات الصلاة الربانية؟ نستطيع الآن نتعرف عليها ونستمتع بها ونتعمق فيها ونشعر بها خطوة بخطوة ونبدأ بــ

(أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ)

أبانا الذى فى السموات عبارة ما ألطفها تنزل كالندى على كل قلب على كل من ينطق بها ,وهى مقدمة الصلاة الربانية بتتكون من أربع كلمات سهلة غنية بالعاطفة وزاخرة بالوقار للأب الذى هو فى السماء, ولكن هذه المقدمة هى أساس الصلاة الربانية, وهذه العبارة ما أبسطها وما أروعها وهى تبدأ دون زخرفة أو تزويق ,فنرى أنه يخلع الناس على الأمراء والملوك ألقاب العظمة كـ .. صاحب الرفعة أو المعالى أو المقام الرفيع أو السعادة ,ولكن المسيح عندما قدم لنا الله العظيم علينا قال لينا قولوا (أبانا) , عرفه الآباء والأنبياء فى ألقاب متنوعة ,فأبراهيم عرفه بأنه ألوهيم الإله العظيم ,وموسى عرفه بأنه يهوه أى الكائن ,وداود عرفه بأنه الراعى الصالح “الرب راعى فلا يعوزنى شىء” , كما عرفه كثيرين وأقتربوا أليه فى القول (( اللهم.. أو رب الجنود .. أو صاحب الجلالة)) وكلها ألفاظ جميلة تشعر بالرهبة عند الأقتراب أليه أما يسوع فقد قرب الله ألينا فى لفظ بسيط يدفعنا إلى حبه “أبانا”

يسميه بعض الناس (مهندس الكون الأعظم) ويسميه آخرون (الفنان الأعظم) أما نحن كمسيحيين ندعوه أبانا الذى فى السموات ونحن نعنى أنه أب لنا أبدى وأب لنا فريد وأب لنا خالق.

أب أبدى. سنظل نناديه حتى أنتهاء حياتنا الأرضية وبداية حياتنا الأبدية,أما أباؤنا على الأرض فقد يأتى علينا وقت لا نستطيع أن نناديهم فيه أذ يكونوا قد رحلوا إلى عالم المجد ,نعم هو أبونا الدائم الأبدى.

أب فريد. فهو أب للمسيح بالبنوة وللمؤمنين بالتبنى ,أب فريد ليسوع المسيح الأبن الحقيقى ” هذا هو أبنى الحبيب الذى به سررت”,وأب فريد للمؤمنين وللمؤمنات بالتبنى ,أذ نقلنا من الظلمة إلى النور وجعلنا أولاد له (وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.).

أب خالق. نفخ فى الأنسان الأول نسمة حياه ,وأوجدنا من العدم وخلقنا فهو أبونا الذى يهتم بالبشرية جمعاء.

أبانا كلمة بصيغة الجمع ,فبأضافة ضمير المتكلم إلى لفظة أب وبذلك نعنى أننا وكل الذين يدعونه معنا أخوة فهى صلة قوية تنشأ بيننا وهى أكثر من القرابة الجسدية والأنساب ألى آخره فهى أخوة صادقة تتخطى الحدود الجغرافية وتجعل القبائل والشعوب والألسنة المختلفة فى وحدة إذ يشعر الجميع أن لهم أبا واحدا, ففى قولنا أبانا نشرك الغير معنا وقد نعنى بهذا الغير العائلةالتى نحن بينها ثم تتسع الدائرة أكثر فنعنى سكان الوطن الذى نعيش فيه ثم نفكر فيما هو أكثر أتساعا فبقولنا أبانا نمثل سكان القارة التى وطننا جزء منها بل أكثر من هذا إلى سكان العالم أجمع فهم أخوة ولهم أب واحد , فلا نقول لربنا يا أبى وحتى لو كنت فى المخدع وبأصلى لوحدى أيضا بأقوله أبانا وهو لما علمنا ,علمنا الصلاة بالصيغة الجماعية ولم نتعلمها بالصيغة الفردية لأن لو كنت بتقول أن الله أبوك أذا فلابد أن تقدر أخواتك أو الناس اللى معاك ,فلا يمكن أن ننال حق البنين إلا أذا وفينا حق الأخوة ,أذا كان لينا أحساس بالأخوة وأن لينا أخوة ,ولذلك ربنا أصر أن ننطق أبانا لأنه وأنت بتصلى بمشاعر البنوة تفتكر أن ليك أخوات وأذا كنت عايز حق البنوة فلازم توفى حق الأخوة للناس اللى معاك ,ولابد أن تضع فى ذهنك أنه لن يستطيع أحد أن يدخل الملكوت إلا أذا كان معاه سر الأخ كما رأينا فى يوسف الصديق وأخوته ,فسر الأخ يتلخص فى ثلاث كلمات 1- محبة 2- غفران 3- خدمة ,فلن أستطيع أن أتمتع ببنوتى لله إلا أذا كان ليا محبة لأخواتى ,وإلا أذا كان ليا غفران لأخواتى ولذلك نرى المسيح يصر على هذا (أن لم تغفروا…), وإلا أذا كان ليا خدمة لأخواتى وهذا هو سر الأخ ومن غير المحبة والغفران والخدمة لن يكون لنا نصيب فى ملكوت السموات وهذا ليس كلامى بل هو كلام ربنا فالمحبة شرط أساسى ففى رسالة يوحنا الرسول الأولى 3: 14 14نَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّنَا قَدِ انْتَقَلْنَا مِنَ الْمَوْتِ إِلَى الْحَيَاةِ لأَنَّنَا نُحِبُّ الإِخْوَةَ. مَنْ لاَ يُحِبَّ أَخَاهُ يَبْقَ فِي الْمَوْتِ.وأذا كان الله محبة فلن يدخل أحد الملكوت إلا أذا كان له طبيعة المحبة يعنى ينتقل من الموت إلى الحياه الأبدية لأننا نحب الأخوة ,فأن لم تغفروا لا يغفر لكم ولا أحد يستطيع أن يدخل الملكوت وهو غير غافر لأخوه , وأيضا لن يستطيع أحد أن يدخل الملكوت إلا وهو خادم أخوه ,وكما رأينا المسيح أدخل الناس اللى على اليمين إلى الملكوت والذين على اليسار أو الجداء قال لهم لن تدخلوا وأذهبوا إلى النار الأبدية ,وسألوه ليه فيقول لهم حاجة واحدة بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتى هؤلاء ,طيب شفناك فين يا رب :كنت جوعان فأطعمتمونى وكنت عطشان فسقيتمونى وكنت مريض فزرتمونى وكنت غريب فأويتمونى وهذه هى الخدمة ولذلك ونحن نصلى أبانا ,فربنا بيقول لينا أنت أبنى وأنا فرحان بيك ولكن علشان تأخذ حق البنين وتتمتع بيه لابد أن توفى حق الأخوة أيضا ,ولذلك كل طلبات ابانا الذى كما سنرى بصيغة الجمع ,والأنسان فى محبته بيصلى ليس فقط لأجل نفسه بل أيضا من أجل أخوته ويدخل فى شركة لأنه هو وأخوته أعضاء فى جسد واحد ,وحتى لو كان غالق الباب وبيصلى لوحده ,ولذلك أن كانت الصلاة أننا نترمى فى حضن ربنا وفى قلب ربنا وبأضع قلبى فى قلب الله فلا يمكن أن أدخل إلى قلب الله إلا أذا أحتويت قلوب الأخوة اللى حواليا وأخذت قلوبهم جوايا لأنه هو قال كده ليكون الجميع واحد فينا ولا يمكن الوحدانية أن تتحقق إلا من خلال المحبة وأن كل واحد فينا يحتوى الآخر وبعدين ربنا يحتوينا كلنا ولوهناك من غير قادر أن يحتوى الآخر فهذه مشكلة ولن يستطيع أن يتمتع بالملكوت .

وأنت بتتقدم للصلاة أنت مش رايح لشخص بيمن عليك بحاجة أو يتعطف عليك أنه يعطيك حاجة أنت بتطلبها أو العطايا التى تريدها بل أنت بتكلم أب وهذا لابد أن نستوعبه لما نيجى نكلم ربنا , ونحن لا نتكلم بطريقة الشحاتين أو بطريقة أن إله يتعطف ويمن على الأنسان بقدر أننا بنتكلم مع أب لينا وهذا الأب مسرته ويسره أنه يمد أولاده بما يحتاجون إليه ,يعنى أب عايز يعطى ,أب بيحب , أب بيعتنى , أب أرادته بأستمرار صالحة لأولاده ,ولذلك ونحن بنتقدم لربنا فى الصلاة لابد أن يكون فينا هذا الأحساس أن أنت بتكلم أبوك وليس مجرد شخص أنت بتشعر أنه عنده أمكانيات كثيرة وبتتعطفه أنه يعطيك حاجة من هذه الأمكانيات ,وكمثل سعادة الأب أنه يسعد أولاده ,بمعنى أنه بيشعر بأستمرار بالسعادة كلما جعل الأبناء يشعرون بهذه السعادة ويتمتعون بيها ولذلك بيكون لينا ثقة وداله ولينا رجاء فى هذا الأب السماوى وحتى أن السيد المسيح لما نطق الصلاة الربانية , قد نطقها باللغة الأرامية وهى اللغة التى كان يتكلم بيها فى ذلك الوقت وليست هى كلمة أبانا باللغة العربية الفصحى ولكن كلمة( آبا) أو نداء الطفل أول ما بيتعلم الكلام وحتى باللغة العامية أو البلدية زى ما الطفل الصغير بينادى ويقول يابا ,فثقته فى هذه الداله والمحبة التى بينه وبين هذا الأب , و أحساس الأنسان بأبوة ربنا كمان بيعطيله أحساس بسلطان البنوة ,يعنى أنا كأبن ليا سلطان كما يقول يوحنا الرسول 1: 12 12 وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ، أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ.ولذلك تقدمى للصلاة بأستمرار بشعورى وبأحساسى أن أنا بأكلم أبويا شىء مطلوب وأساسى جدا للأنسان اللى عايز يعيش الحياة الروحية الصح وهذا يعطيه ثقة وداله وأحساس بمحبة ربنا حتى أن بأستمرار الأب الكاهن فى ليتورجية القداس لما بيختم صلاة القسمة بيقول تعبير لطيف جدا (لكى نجرأ بداله من غير خوف أن نقول الصلاة التى علمتنا أياها أبانا الذى …) وكلمة نجرأ يعنى نتجرأ وبداله البنوة وبدالة الأبوة يعنى سلطان البنوة اللى ربنا أعطاه لينا وبدالة الأبوة التى يمتعنا بيها ربنا , وأذا كان فى جراءه وداله يعنى من غير خوف كما يقول بولس الرسول فى رومية 8: 15 15إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضاً لِلْخَوْفِ بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ».وأيضا فى رسالته لغلاطية 4: 4- 7 4وَلَكِنْ لَمَّا جَاءَ مِلْءُ الزَّمَانِ، أَرْسَلَ اللهُ ابْنَهُ مَوْلُوداً مِنِ امْرَأَةٍ، مَوْلُوداً تَحْتَ النَّامُوسِ،5لِيَفْتَدِيَ الَّذِينَ تَحْتَ النَّامُوسِ، لِنَنَالَ التَّبَنِّيَ.6ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخاً: «يَا أَبَا الآبُ».7إِذاً لَسْتَ بَعْدُ عَبْداً بَلِ ابْناً، وَإِنْ كُنْتَ ابْناً فَوَارِثٌ لِلَّهِ بِالْمَسِيحِ.فهنا أحساس الأنسان بتلك الدله اللى بينه وبين ربنا هى التى تجعله يتجرأ ويتقدم فى هذه العلاقة ويتمتع بهذه العشرة بينه وبين الله.

أن كلمة أبانا تبعث فينا الأيمان والمحبة والثقة ,فننادي أبانا ونحن لا نراه ونتذكر فيلبس لما قال للمسيح أرنا الآب وكفانا فأجابه يسوع (من رآنى فقد رأى الآب) ومن ذا الذى يستطيع أن يرى الله ويعيش؟!,فنحن لا نراه ولكن نؤمن بوجوده نتحدث أليه ونتحدث عنه وعندما نسأل أين هو ؟ نشير بأصبعنا إلى السماء ومع أننا نعلم أن الأرض التى نعيش عليها هى كرة تدور فى جوف هذا العالم المتسع وأن أشارتنا تتبدل بحسب موقفنا وأنتقالنا من بقعة إلى بقعة على هذه الأرض إلا أننا متأكدين من وجود الله ونصدر أشارتنا عن ثقة وأيمان إلى فوقنا إلى الأتجاه السامى حيث نؤمن أنه فى أسمى الأماكن يسكن فى السموات

(الذى فى السموات) وكلمة الذى أسم موصول يدل على شخصية فبعض الناس نظرتهم إلى الله كمبدأ والبعض يؤلهون الحيوانات غير الناطقة والبعض الآخر ذهبوا لتأليه الطبيعة ونسبوا كل حياه ليها أما نحن فبقولنا (الذى) نعنى شخصية إلهنا الذى له القلب النابض بالمحبة واليد المحركة والعين المبصرة وأنه يرانا ويرثى لضعفاتنا ويعطينا كل أحتياجاتنا وكلمة الذى فى السموات ليست لمجرد تحديد مكان ربنا أنه فى السماء لأن ربنا مالى السماء ومالى الأرض بل الكون كله ,ولكن هى لفكرة أننا نميز الآب السماوى عن كل أب أرضى سواء كانت أبوه روحية أو أبوه طبيعية بالولادة ,لأنه من المؤسف جدا أن الأنسان بيشوه فكرة الأبوه ,لما فى الأباء الأرضيين من نقائص وعيوب ,وأذا كان أبن شاف أبوه مش قادر يحبه ومش قادر يقدم له محبة ,وشافه أب قاسى وأب عنيف وأب بخيل ,فهذا يشوه فكرة الأبوة تجاه الله , ولذلك نقول له أبانا الذى فى السموات ,وأن أبوتك يا رب تختلف عن كل أبوة فى الأرض ,أذا فهى ليست مجرد تحديد مكان بل لتمييزه عما سواه من الأباء الأرضيين لأن ربنا مش فى السماء وليس ببعيد عنا لأن أبويا هذا ليس ببعيد وليس موجود فى السماء وأنا موجود فى الأرض وبيننا مسافة كبيرة أو فرق كبير بل أن هذا الآب السماوى قريب جدا جدا جدا منا وأنه حتى هو أقرب من أنفسنا لينا لأنه هو موجود فى داخلنا ونحن موجودون فى حضنه بأستمرار ولذلك نقول له أبانا الذى فى السموات ,وكلمة أبانا الذى فى السموات فيها كل الطلبات اللى جايه بعد كده لأنه لمجرد نطقى بكلمة أبانا فيها الأيمان والأيمان يعنى ثقة وعلشان هو أبويا أنا واثق فيه وفيها الرجاء بأنه هو أبويا اللى أنا بأضع رجائى فيه وفيها المحبة بكل عمقها لأنه هو أبويا أنا فأتمتع بهذه المحبة بأستمرارمعاه ومن خلاله وفيه ولذلك أذا كنت بأكلم أبويا السماوى ومهما أن كانت فكرتى عن الأب الأرضى مشوهه أو أحساسى بالأب الأرضى مشوه بما فيه من نقائص وعيوب لكن ليا أيمان ورجاء ومحبة فى الآب السماوى .

وأخيرا كلمة فى السموات وهى ترمى إلى توقير الله فأذ نشعر أنه فى السموات نعبده كآب فى وقار وإجلال وفى غير أستخفاف , والحقيقة لقد تهاون الكهنة قديما بالآب وقدموا له الأعرج والسقيم من الذبائح فجاءهم صوت الآب معاتبا فَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَباً فَأَيْنَ كَرَامَتِي؟ وَإِنْ كُنْتُ سَيِّداً فَأَيْنَ هَيْبَتِي؟

ويوجد الكثيرين الذين يستخفون فى عبادتهم لله ,شاعرين أنه مادام الله لهم أبا فأنهم فى غير تكليف كما يزعمون يتحاجون معه ويستخدمون تعبيرات لا تليق ,إنه أبونا الذى فى السموات فمن نحن على الأرض ,شكرا ليك يا رب أنك رفغتنا وأعطيتنا مقام الأبناء ,أذا فلنوقره ونحترمه ونقدم له ذبائحنا ذبائح غير سقيمة ترضيه من صلوات وتسبيحات وحياة تليق بمجده ,ونجد فى عبارة فى السموات شيئا آخر فهى تبعث فينا الرجاء لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل ,فأن بعض الأباء فى الأرض قد لا يتركون لأبنائهم ميراثا والبعض قد يترك ولكنهم لا يقدرون إلا على ترك ميراث فى الأرض أما الآب السماوى فأنه يورث جميع أبنائه ويعطيهم أرثا لا يفنى وهى مملكة السماء التى لا تزول كما يقول بولس فى رومية 8: 17  17فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَداً فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضاً وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضاً مَعَهُ.وأيضا فى غلاطية 4: 7 7إِذاً لَسْتَ بَعْدُ عَبْداً بَلِ ابْناً، وَإِنْ كُنْتَ ابْناً فَوَارِثٌ لِلَّهِ بِالْمَسِيحِ.

والآن بعد ما أتجه فكرنا ألى كلمة (أب) باعثة فينا الأيمان والمحبة والثقة والضمير (نا) أشعرنا فى صلته بالآب السماوى بضرورة تحطيم الوثنية والأنانية والطباع الردية وأن لينا أخوة فى كل مكان وبعد أن أتجه فكرنا إلى أسم الموصول (الذى) حيث نحس بأننا أمام شخصية قوية فتمتلىء نفوسنا سرورا وفرحا ونشعر أننا لسنا وحدنا فى الحياة مادام الآب معنا وهذه هى المسيحية التى تعنى أن الله معنا (عمانوئيل) وعندما ينتشر الظلام ويستسلم الناس للنوم وأكون وحيدا أرفع نظرى إلى النجوم بل إلى ما وراء النجوم لأجد الآب السماوى يبدد وحشتى ويقترب منى لكى يهبنى الأطمئنان وفى الصباح أحس أنه معى ويرعانى ويهبنى ما أحتاج (الرب راعى فلا يعوزنى شىء).

 فتعالوا نقول معا أبانا الذى فى السموات ,أنت أبونا فلا نخشى الأقتراب أليك كأب فلا تطرح أبنائك عنك ,أنت أبونا فلك الحق أن تؤدبنا وتوجهنا كما تشاء ,أنت أبونا ونحن جمعيا أخوة لذلك لا أصلى لنفسى فقط بل لأخوتى أيضا , أنت أبونا الذى فى السموات فليتقدس أسمك .

والى اللقاء مع الجزء الثالث راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين.

أخوكم  +++ فكرى جرجس

 

 

أضف تعليق