تأملات وقراءات فى الصلاة الربانية الجزء السابع


 

 

 

تأملات وقراءات فى الصلاة الربانية

                متى 6: 9- 13  , لوقا 11: 2- 4

                              الجزء السابع

مقدمة

كما قلت أحنا
بنطلب الخبز المادى من ربنا وخبزنا كفافنا أعطنا اليوم ,عندما قيلت فى معناها أننا
بنطلب العيش من ربنا والعيش اللى يكفينا وأذا كان الخبز هو قوام الحياة وكما قلت
لقمة العيش أو عايش وهى من عيش ,فهو ربنا يقصد بكدة أننا نأخذ الخبز اللى يكفينا
كل يوم بيوم وهذا ما علمه لهم زمان بنزول المن وقال لهم تطلعوا كل يوم وتجمعوا
المن, أما الطماع واللى ماكانش واثق أنه غدا لن يجد ,كل ما أخذه زيادة أنتن وتعفن
معه والأعجب من كده اللى بسبب ضعفه وعجزه لم يستطع أن يجمع ما يكفيه لأنه ضعيف أو
عاجز وليس له أمكانيات ,فالقليل الذى له زاد بطريقة سرية  بحيث أن الكل يصل لدرجة الكفاف ولذلك أوصى بأن
يجمع المن كل يوم علشان كل يوم الأنسان يشعر أنه بيأكل من أيدين ربنا يعنى كل يوم
ربنا اللى بيأكله من أيده ,وربنا عايز يقولك أن أنا اللى وازن أحتياجاتك وأعرف
مقدار أحتياج كل نفس ,ولذلك فيه غدت كفاياتى
فهو يزن حاجة كل نفس ويعرف ما يكفينى بالضبط ويعطيه لى حتى لو كنت أنا ضعيف
أو عاجز ولم أستطيع أن أجمع كفايتى يعنى هو
قادر أنه يسد أحتياجاتى لأنه بيوزن
أحتياجات كل نفس فينا , نعم أنا بأطلب من ربنا خبز كل يوم وعايز أقول لربنا أنا مش
بأكل من أيد أحد غيرك ,ومحدش يأكلنى غيرك وعلشان كده بأطلب لقمة حياتى وكل
أحتياحاتى المادية والعاطفية والنفسية والروحية , لأ لن أأكل إلا من أيدين ربنا
ولذلك هناك خبز خاص هو خبز البنين اللى الأب يأكله للأبن وده ما يترميش لأى حد
لأنه قال ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب ,ولذلك بنقول لربنا لا تعطينا
خبز العامة ولكن أعطنا خبز البنين أو الخاصة والمختوم برضاء منك وأنك موافق يارب
أنك تعطينى الكمية دى والقدر ده والنوعية دى ,وأنك عطيتهونى برضاك ولم أأخذه بمكرى
ولا بخداعى ولا بسرقتى ولا بأى شىء شرير ,لكن أنا عايزه من أيديك يا رب ,وعلشان
كده لما بنقول خبزنا كفافنا أعطينا اليوم بنطلب أننا نعيش من أيدين ربنا وأن ربنا
هو مصدر حياتنا وقوام حياتنا ,ولو قلناها بالمعنى الروحى خبزنا الآتى أو خبزنا
الذى للغد أشارة إلى كلمة الله أو إلى سر الأفخارستيا أو خبز الحياة الأبدية الذى
هو جسدك ودمك ,يارب أعطيه لنا كل يوم ,لكى يتأكد لنا كل يوم أن لنا حياة أبدية
,والحقيقة المسيح ربط بين لتكن مشيئتك وبعدين راح قال وراها على طول خبزنا الذى
للغد أو كفافنا لأن لقمة عيشك مرتبطة بمشيئة الله ولذلك لما جاء المسيح على الأرض
قال كده فى يوحنا 4: 34 34قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:
«طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.  وهذا ما يريد أن يقوله لك فى السكة وأن طعامك
أنت كمان وقوام حياتك اللى على الأرض واللى فوق فى السماء هى أن تعمل مشيئة الله
,ولما جابوا للمسيح أكل قالوا له كل فى يوحنا 4: 31- 34  31وَفِي أَثْنَاءِ
ذَلِكَ سَأَلَهُ تلاَمِيذُهُ قَائِليِنَ: « يَا مُعَلِّمُ، كُلْ» 32فَقَالَ
لَهُمْ: «أَنَا لِي طَعَامٌ لِآكُلَ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ أَنْتُمْ». 33فَقَالَ
التّلاَمِيذُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «أَلَعَلَّ أَحَداً أَتَاهُ بِشَيْءٍ
لِيَأْكُلَ؟» 34قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي
أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ. وأيه هو الطعام اللى من نوع آخر هو أن
أصنع مشيئتك وعلشان كده على أد الأنسان بيقبل مشيئة ربنا بفرح وبشكر وبرضاء وبطاعة
وبثقة,على أد ما بيعيش فكر الملكوت فى حياته ونسمع الآية اللطيفة اللى أتقالت فى
لوقا 14: 15 15فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنَ
الْمُتَّكِئِينَ قَالَ لَهُ: «طُوبَى لِمَنْ يَأْكُلُ خُبْزاً فِي مَلَكُوتِ
اللهِ». يعيش الملكوت ده بالأكل بمشيئة الله يعنى ياليت الله يقيم ملكوته
لنا حسب أنتظارنا ويعطينا نصيبا فيه وهذه كانت أفكار اليهود ولكنه لم يكن يميز ما
كان الله آخذا بتتميمه فى ذلك الوقت إذ كان عاملا نفس الشىء الذى كان ذاك الرجل
يتمناه , والرب يسوع يجاوبه وأظهر له أن الله قد أتى لأسرائيل بهذه البركة المعبر
عنها بالعشاء العظيم , وكأن الترتيب الحلو واللطيف كما قلنا أن المشيئة هى الملكوت
وبعدين الطعام بيرتبط بمشيئة الله وبعدين الأنسان ينظر لربنا ويقول وأغفر لى يا رب
أذا كنت ما عشتش حسب مشيئتك ولو كنت خفت من مشيئتك يا رب وماحققتهاش من فضلك يارب
أغفر لى أن أنا لم أحققها وهذه هى الطلبة الخامسة (12وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا.)                 

الطلبة الخامسة (وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا.)

الحقيقة نحن
أمام طلبة تتصل بسابقتها إتصالا وثيقا ,فأن حرف الواو فى مطلع الآية يرينا تكملة
لازمة وكما أن الخبز ضرورى لحاجة الجسد فإن غفران الذنوب ضرورى لحاجة النفس وأن
كنا لا نأكل خبزا نضعف ويؤدى بنا الضعف إلى الموت ,كذلك إن كانت ذنوبنا لا تغفر
فأننا ننوء تحت ثقلها ونهلك فى خطايانا, ومن الغرابة أن تأتى طلبة غفران الذنوب
بعد طلبة الخبز لأن فى نظرنا أن طلبات النفس يجب أن تسبق طلبات الجسد ,ولكن هذه
الغرابة تزول بل تنقلب إلى أعجاب بشخص السيد المسيح وحكمته ,أذ نعلم أنه قصد هذا
الوضع لندرك إننا نخطىء ونحن فى النعمة ,أنه بالرغم من أن الله يعطينا خبزنا كل
يوم إلا أننا نسقط فى الخطية ونطلب الغفران ,وواضح أن آدم كان غرقا نفى النعمة لما
كسر الوصية وأكل من الشجرة اللى نهاه عنها الله ,وهكذا نحن نتمتع بنعمة الله كل
يوم ونسقط كل يوم ,فيالغنى نعمتك يارب ويالسوء تصرفنا فيارب رحمة بنا وأغفر لنا
ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين ألينا ,ومن هذه الآية نجدها تدور فى ناحيتين :-

أولا : الصفح الإلهى (أغفر لنا ذنوبنا)

هنا تتجه
أفكارنا وأنظارنا إلى السماء ,إلى الآب السماوى لكى يصفح عن ذنوبنا ولكى نفهم كلمة
ذنوب أو الخطايا نعود إلى التراجم واللطيف أن كلمة الخطية باليونانى بيكون لها
خمسة معانى وبعض هذه المعانى فى التسبحة اللى بنصليها فكل اللى بيصلى فينا التسبحة
سيجد ان الكلام ده بيتكرر كتير وخصوصا فى تسبحة الصوم الكبيروهذه المعانى هى 1-
كلمة أمارتيا أو عدم أصابة الهدف أو واحد أخطأ
الهدف وهذه تسمى خطية أو فشل فى أن يكون ما كان يجب أن يكون يعنى مقدرش يحقق اللى
هو كان لازم يبقى عليه ,2- كلمة بارافتوما ومعناها
الأنزلاق أو التزحلق أو الذلل ,يعنى واحد ماشى راح متزحلق ووقع ,3- كلمة براغيتس ومعناها التعدى ,أو واحد تخطى الحدود ,فى خط
فاصل ما بين الخير والشر ,فواحد عمل خطية يعنى عدى الخط الفاصل ما بين الخير والشر
,4- كلمة آنوميا ومعناها مخالفة للقانون أو واحد كسر
القانون ,5- كلمة أوفيلينى ومعناها دين أو واحد
عليه دين وما أوفاش الدين اللى عليه ,يعنى واحد عليه حاجة ولم يوفى دينه وعلشان
كده فى الترجمة التانية لأبانا الذى بنقول وأغفر لنا ما علينا أو الدين اللى علينا
علشان الخطية دى دين علينا , ونستخلص من الفاظها أن الذنوب تعنى فى معناها السلبى
ديون وفى معناها الأيجابى تعديات.

 فهى ديون لأن لله علينا حقوق يجب أن نؤديها و
أذا قصرنا فى تأديتها نبقى تحت ثقل الدين والحقيقة لو تأملنا فى كل الصلاة
الربانية لأستطعنا أن نكتشف الحقوق اللى علينا تجاه الله وفى ضوء تلك الحقوق يمكننا
أن نحكم على أنفسناأن كان علينا ديون أو لأ , فنحن نصلى أبانا الذى فى السموات وفى
أعترافنا بأبوته يكون من حقه علينا أن نكرمه كأبناء ,وأيضا لأنه سماوى فمن حقه
علينا أن نخشع له ونخضع ,وأيضا نحن نعترف بقداسته ,فمن حقه علينا أن نقدس أسمه وأن
نتقدس بيه ,أيضا نحن نطلب إتيان ملكوته أذا فمن حقه أن يملك علينا ,ولكن الغريب من
أمرنا أننا كل يوم بنتهرب من هذا الملك العظيم ,وفى طلبة لتكن مشيئتك إعتراف منا
بالتسليم والخضوع لتلك المشيئة ,ونسأل نفسنا هل نحن نستسلم ونخضع له حقا ؟ وأذا
كان الله يعطينا الخبز اليومى أليس من حقه علينا أن نشكره دائما ؟ فهل نفعل هذا؟
وهل نوفى لله حقوقه من إكرام وتوقير وخضوع وتقديس وتسليم وشكر ؟وهل نوفيه حقوقه فى
حفظ يوم الرب وفى تقديس العشور ؟ وفى المواظبة على الذهاب إلى بيته بفرح ؟ وفى
المداومة على أسرار الكنيسة ؟ أذا الأجابة واضحة إن كنا مقصرين فى هذه الإلتزامات
فنحن فى ديون ,أذا لابد أن نطلب منه (أغفر لنا يارب ديوننا لأننا نعترف بعجزنا عن
الوفاء).

والذنوب هى
أيضا تعديات وهى خطايا لأن الخطية هى التعدى ,وقد وضع الله لوائح وشرائع وقوانين
مقدسة ,فأى تعدى على هذه الشرائع يعتبر ذنب وخطية ,ده اللى بيدوس شرائع الأرض
ويكسر دستور الدولة بيعتبروه مجرم فى نظر القانون الأرضى ,ما بالكم بقى باللى
بيكسر قانون السماء ويتعدى على شريعة الله ,والحقيقة السيد المسيح لخص لنا
القوانين وجمعها فى قوله فى أنجيل معلمنا مرقس الرسول 12: 29- 31  29فَأَجَابَهُ يَسُوعُ:
«إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ
إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. 30وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ،
وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هَذِهِ
هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. 31وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ
كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ».طيب يارب مفيش غير دول ,أيوه مفيش غيرهم
,ماهم دول اللى كل الوصايا بتدور حواليهم ,فإن كنا كاسرين لهذا القانون فما أحوجنا
إلى أن نسرع إلى الله ونطلب الصفح قبل أن يقع علينا العقاب ونقول( أغفر لنا ذنوبنا
وأترك لنا ديوننا وأغفر لنا تعدياتنا) , والأمر العجيب أن أبونا السماوى مستعد أن
يصفح عنا صفحا 1- مجانيا 2- مستمرا 3- متسعا 4- شاملا 5- كاملا,وده اللى بيشجعنا
إلى الأسراع له لطلب المغفرة ,(1) فصفحه المجانى أمر ظاهر لأن طبيعته الصفح ,وفى مثل
الأبن الضال ,أبوه لم ينتظر من الأبن أعترافا ولم يبدأ بعتابه ولم يدعه يكمل
أعترافه الذى أعتزم على النطق بيه فقبل أن يقول له إجعلنى كأحد أجرائك كان أبوه قد
أمر بالحلة الأولى والخاتم والحذاء والعجل المسمن ,وهو ده صورة توضيحية لصفج الآب
السماوى ,ومثل الأبن الضال مثل يطول التأمل فيه وسنتعرض له فى تأملات أخرى, فكما
قلت (2)صفح الله مستمر ,وأن قلنا قبل ذلك أن عبارة كما فى
السماء كذلك على الأرض تتوافق مع كل طلبة من الطلبات الثلالة الأولى فإن كلمة
اليوم تتوافق مع كل الطلبات الأخيرة ,فنحن نحتاج إلى الخبز كل يوم ,وعلى غفران
الخطايا كل يوم ,وإلى النجاة من التجارب والشرير كل يوم ,لأن صفحه مستمر لأنه صالح
وإلى الأبد رحمته, وأيضا (3)صفح الله متسع لأنه يتسع لأكثر من ذنب فأننا نطلب
أغفر لنا ذنوبنا وليس ذنبنا ولكل منا أكثر من ذنب ,لكل منا ذنوب (ذنوبى وذنوبك
وذنوب الغير) كلها يتسع لها صفحه وكلنا نعلم ليست الذنوب هى فقط الخطايا الظاهرة
من قتل وسرقة وزنا ,بل أيضا الخطايا المستترة والسهوات ومن منا يشعر بها حتى داود
قال فى مزمور 19: 12  12اَلسَّهَوَاتُ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا! مِنَ
الْخَطَايَا الْمُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي وما أشبه هذه السهوات والخطايا المستترة بالذرات
المتعددة التى يتكون منها سطح كبير ثقيل من الذنوب ,يعنى ذنوب كثيرة كأنه مجتمع
شياطين (لجيئون)ولكن صدر الآب يتسع لإحتمالنا ويصفح دائما عنا , وأيضا (4)صفح
الله شامل ,يعنى بيتناول
صفحه جميع الخطايا مهما تنوعت ومهما أختلف مصدرها ,بمعنى آخر كل الذنوب الفكرية
والقلبية والعملية ليها غفران ,ولو تأملنا فى المسيح المصلوب نجد أنه قد سالت دماء
المسيح من رأسه لتعلن أن خطايا الفكر لها غفران ,ومن جنبه لتعلن أن خطايا القلب
لها غفران ومن يديه ومن رجليه لتعلن أن جميع الخطايا يمكن أن تغسل وتطهر , وأيضا (5)صفح الله كامل ,لأن صفحه ليس كصفح البشر بل على النقيض فنحن قد نصفح ربما للمجاملة نتيجة
تدخل شخصية كبيرة فى الصلح أو نصفح حبا فى الظهور بالتقوى والعجيب أنه فى صفحنا
هذا لا ننسى الإساءة بل نتجرأ ونفتخر ونقول أنا صفحت عن فلان ولكنى غير قادر أن
أنسى له أساءته ,وعلى النقيص أما الله فمن هو إله مثله كما يقول ميخا 7: 18- 19 18مَنْ هُوَ إِلَهٌ مِثْلُكَ غَافِرٌ الإِثْمَ وَصَافِحٌ عَنِ
الذَّنْبِ لِبَقِيَّةِ مِيرَاثِهِ! لاَ يَحْفَظُ إِلَى الأَبَدِ غَضَبَهُ
فَإِنَّهُ يُسَرُّ بِالرَّأْفَةِ. 19يَعُودُ يَرْحَمُنَا يَدُوسُ آثَامَنَا
وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ. 20تَصْنَعُ الأَمَانَةَ
لِيَعْقُوبَ وَالرَّأْفَةَ لإِبْرَاهِيمَ اللَّتَيْنِ حَلَفْتَ لِآبَائِنَا مُنْذُ
أَيَّامِ الْقِدَمِ.وفى موضع آخر يقول فى العبرانيين 10: 17 17وَ: «لَنْ أَذْكُرَ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا
بَعْدُ».هذا هو صفح الآب صفح مجانى-مستمر-متسع-شامل-كامل .ولكن حذارى أن
نطمع فى هذا الصفح ونستخف ونتساهل مع الشر ونسرع إلى الخطية,فإن صفح الله لكل نفس
تقدر الله وتكره الخطية ويقول يوحنا الرسول فى رسالته الأولى 2: 1 1 يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ
تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ
الْمَسِيحُ الْبَارّ. يعنى أذا أخطأنا مغلوبين من التجربة وذلك بالرغم منا
فهناك ائما باب الأمل مفتوح للصفح ولذلك فلنا شفيع عند الله يسوع المسيح البار ,
ونحن نحتاج لكى ننال بركات الصفح أن نطلب – وأن نعترف- وأن نؤمن ,فالمسيح يعلمنا
أن نطلب وأن نصلى أغفر لنا ذنوبنا ويعلمنا أن نعترف ,ففى قولنا (ذنوبنا) هو إعتراف
صريح بأننا مذنبون فلنقل مع القديس يوحنا الرسول فى رسالته الأولى 1: 9- 10
.9إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ
وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ.
10إِنْ قُلْنَا إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِباً، وَكَلِمَتُهُ
لَيْسَتْ فِينَا.
فيعلمنا المسيح أن نؤمن فلما بنذهب إلى الآب السماوى لا
نتشكك بل نقول فى ثقة ويقين أغفر لنا ذنوبنا ,ونحن نبنى الطلبة اليوم على أساس قد
صار أمام عيوننا أكثر وضوحا لأنه كما يقول يوحنا الرسول فى رسالته الأولى 1: 7 7وَلَكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي
النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ يعنى دم المسيح بيطهرنا من كل
خطية ولأن الكتاب بيقول فى العبرانيين 7: 25 25فَمِنْ
ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضاً إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ
بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ.

ثانيا: الصفح البشرى (كما نغفر نحن أيضا للمذنبين ألينا)

أغفر لنا كما
نغفر نحن أيضا للمذنبين ألينا ,فليس معنى ذلك أن يغفر لنا الله بالمقياس الذى نغفر
نحن به للآخرين وإلا عليه العوض فينا ونصبح أشقياء أذا طلبنا هذا الطلب ,ولكن
المعنى الذى يقصده السيد المسيح أنه كما فى السماء كذلك على الأرض ,يعنى كما فى
السماء صفح أبوى – مجانى – مستمر – متسع – شامل – كامل ,فكذلك ليكن صفحنا على
الأرض على هذا النحو فيجب ان نصفح للآخرين فى أوسع مدى متمثلين بالصفح الإلهى ,ولو
تأملنا لحظة أن صفح البشر يتطلب أن المسىء يأتى إلى المساء إليه ليطلب منه الصفح
ويعترف بإسائته ولكن السيد المسيح علمنا الصفح فى صورة أرقى وأسمى من هذا كما يقول
فى أنجيل معلمنا متى البشير 18: 15 15«وَإِنْ أَخْطَأَ
إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ
سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ. وهنا يطلب المسيح أن يذهب المساء
أليه إلى المسىء يعنى أذهب إلى أخى الذى أخطأ أليا وأعاتبه إن سمع منى فقد ربحته
وإن لم يسمع منى عليا أن أحاول مرة أخرى آخذا معى واخد أو أثنين حتى يتم الصلح
وأذا لم يسمع أيضا عليا أن أبذل مسعى جديد بواسطة الكنيسة حتى يرفع كل مرارة وكل
سخط وكل خصام ,فهذا هو نوع الصفح الجديد الذى علمه يسوع ويستصعبه البشر ولكن أتباع
المسيح يجب أن يمارسوه ,الحقيقة صفح البشر ضيق فهو صفح محدود ,فقد نصفح مرة ولكننا
لا نقوى على الصفح مرات ,وقد يحسب الأنسان أنه واسع الصدر جدا أن صفح مرتين أو
ثلاثة ! ولعل بطرس عندما تقدم ليسوع المسيح ليسأله عن عدد المرات التى يصفح فيها
,كان رقم سبعة أمام عينيه كأنه أبعد حدود الصفح عند الأنسان المثالى فى متى 18:
21- 22 21حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بُطْرُسُ وَقَالَ:
«يَا رَبُّ، كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ
إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟» 22قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ
مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ.المسيح هنا بهر
بطرس بالأجابة لأنه جعل من السبعة سبعات مضعفة قاصدا بذلك إن الصفح المثالى يجب أن
يكون بغير حدود ,والحقيقة قد نستصعب نحن هذا الكلام ,ولكننا نجد من البشر نظيرنا
من قدموا صفحا مثاليا , وها هو أسطفانوس يرجم بالأحجار وهو برىء ولكنه يصلى من أجل
راجميه فى أعمال الرسل 7: 60 60ثُمَّ جَثَا عَلَى
رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا رَبُّ لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ
الْخَطِيَّةَ». وَإِذْ قَالَ هَذَا رَقَد وأيضا بولس الرسول وهو يتحمل
الشتائم والأضطهاد يقول فى رسالته لكورونثوس الأولى 4: 12- 13 12وَنَتْعَبُ عَامِلِينَ بِأَيْدِينَا. نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ.
نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ. 13يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ. صِرْنَا كأَقْذَارِ
الْعَالَمِ وَوَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الآنَ.ولنرفع أنظارنا إلى مثالنا
الأكمل الذى أشترك معنا فى اللحم والدم الرب يسوع لنجده وهو القوى يصفح لمن لطمه
فى يوحنا 18: 23 23أَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ
تَكَلَّمْتُ رَدِيّاً فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَناً فَلِمَاذَا
تَضْرِبُنِي؟» ويصفح عن الذين بصقوا على وجهه وأهانوه وصلبوه فى لوقا 23:
34  34فَقَالَ
يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا
يَفْعَلُونَ». وَإِذِ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ اقْتَرَعُوا عَلَيْهَا. فلنكن
لطفاء شفوقين متسامحين كما سامحنا الله أيضا فى المسيح ,وأن كان الله يصفح عنا
ويغفر لنا ذنوبنا الكثيرة فيجب علينا أن نغفر للآخرين أسائاتهم ولقد أوضح السيد
المسيح فى مثل العبد الذى لا يغفر فى متى 18: 23- 35 23لِذَلِكَ
يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَاناً مَلِكاً أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ
عَبِيدَهُ. 24فَلَمَّا ابْتَدَأَ فِي الْمُحَاسَبَةِ قُدِّمَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ
مَدْيُونٌ بِعَشْرَةِ آلاَفِ وَزْنَةٍ. 25وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوفِي
أَمَرَ سَيِّدُهُ أَنْ يُبَاعَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَأَوْلاَدُهُ وَكُلُّ مَا
لَهُ، وَيُوفَي الدَّيْنُ. 26فَخَرَّ الْعَبْدُ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: يَا
سَيِّدُ، تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ. 27فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذَلِكَ
الْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ، وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ. 28وَلَمَّا خَرَجَ ذَلِكَ
الْعَبْدُ وَجَدَ وَاحِداً مِنَ الْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ كَانَ مَدْيُوناً لَهُ
بِمِئَةِ دِينَارٍ، فَأَمْسَكَهُ وَأَخَذَ بِعُنُقِهِ قَائِلاً: أَوْفِنِي مَا لِي
عَلَيْكَ. 29فَخَرَّ الْعَبْدُ رَفِيقُهُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ
قَائِلاً: تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ. 30فَلَمْ يُرِدْ بَلْ مَضَى
وَأَلْقَاهُ فِي سِجْنٍ حَتَّى يُوفِيَ الدَّيْنَ. 31فَلَمَّا رَأَى الْعَبِيدُ
رُفَقَاؤُهُ مَا كَانَ، حَزِنُوا جِدّاً. وَأَتَوْا وَقَصُّوا عَلَى سَيِّدِهِمْ
كُلَّ مَا جَرَى. 32فَدَعَاهُ حِينَئِذٍ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا
الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ، كُلُّ ذَلِكَ الدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ طَلَبْتَ
إِلَيَّ. 33أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضاً تَرْحَمُ الْعَبْدَ
رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟. 34وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى
الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ. 35فَهَكَذَا أَبِي
السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ
وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَلَّاتِهِ». ففى هذا المثل نرى السيد وقد صفح عن العبد
المديون بعشرة آلاف وزنة والوزنة تساوى 30 كيلو جرام يعنى ثلاثة مائة الف كيلو من
الذهب أو الفضة لعجزه عن الوفاء وكان سيباع هو وأمرأته وأولاده وكل ما له ويوفى
الدين ولن يوفى ,ولكن السيد تحنن عليه وأطلقه لعجزه وترك له الدين ,وفى المقابل
هذا العبد لم يشأ أن يصفح عن رفيق له كان مديونا له بمبلغ لا يذكر بالنسبة لدينه
الأول الكبير لو قلنا مثلا أنه كيلو جرام ! ,وبعدين راح ماسك برقبة رفيقه ولم
يتحنن عليه ومش بس كده ده كمان وضعه فى السجن وهو غير مصغى لأسترحام وعجز رفيقه
,وكان السؤال هل يفر هذا العبد القاسى الذى تمتع يالصفح الكبير ولم يشأ أن يصفح
صفحا هينا ؟ طبعا أن السيد يحضره ويحكم عليه ليسلم للمعذبين حتى يوفى كل ما كان
عليه وهو لن يوفى ويختم السيد المسيح بقوله فهكذا أبى السماوى يفعل بكم إن لم
تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته , وعلشان كده المسيح بيصر على هذه الطلبة
ولما نرجع لأنجيل معلمنا متى لما كان المسيح بيتكلم عن هذه الصلاة فهى الطلبة
الوحيدة اللى علق عليها السيد المسيح بعد ما قال للتلاميذ أبانا الذى ….. متى 6:
14- 15 14فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ
زَلاتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. 15وَإِنْ لَمْ
تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً
زَلَّاتِكُمْ.يعنى الغفران وضعه السيد المسيح كشرط ,والحقيقة الأنسان اللى
بيغفر أنسان وصل لقامة الصليب لأن منتهى قامة الصليب هو الغفران ,فالسيد المسيح
شال الصليب وعلق على الصليب من أجل الغفران ,فإذا قدر الأنسان يحقق هذا الغفران
لأخوه فهو بكده يكون شال الصليب وكمان أتعلق على الصليب ومش ممكن واحد يكون وصل
إلى قامة الصليب وتحسب عليه خطية ,ومش ممكن واحد يكون بيغفر للآخرين وربنا مايغفرلهوش
,لأن معنى أنه غفر أنه وصل للصليب وأنه تعلق بالصليب بل وصل إلى قامة الصليب لأن
العبارة التى قالها السيد المسيح على خشبة الصليب وعو معلق عليها (يا أبتاه أغفر
لهم ) ,فواحد وصل أنه يغفر يبقى ده وصل لقمة الصليب فعلشان كده هو كمان ماتبقاش
عليه خطية ,ولكن ذلك مش معناه أن الله بيغفر لنا على أساس التبادل لأننا بنغفر
للناس ,يعنى مش واحدة مقابل واحدة ,أنت تغفر لأخوك يقوم ربنا يغفر لك لأن أصلا
خطيتى وخطيتك وخطية الآخرين ليس لها غفران إلا بدم المسيح ,يعنى أنا مابقدمش غفران
للناس علشان فى المقابل يقدم غفران ليا لأن لا أحد يستطيع أن يدفع ثمن الغفران غير
المسيح ,أذا فهو ليس أساس للتبادل أن غفراننا لخطايا الآخرين يكون ثمن لغفران ربنا
لينا ,لكن فى واقع الأمر أن غفراننا للآخرين بيبقى شرط مهم جدا علشان أحنا نقبل
ونصدق غفران الله لينا لأنه ممكن الله يبقى غفر لينا وأحنا مش مصدقين ومش متمتعين
بهذا الغفران ,يعنى الله غفر لينا وأحنا لسه جوانا ضمير مثقل بالخطايا ,وأحساس
بعقدة الذنب أذا فشلت أنى أقبل غفران الله ليا ,فهذا سيكون من ضمن أسبابه الرئيسية
أن أنا لم أغفر للآخرين ودى نتيجة لدى وتؤدى إلى دى , يعنى أنا مبأسامحش الآخرين
لأنى مش حاسس أن ربنا سامحنى وفى نفس الوقت نتيجة عدم أحساسى بأن ربنا مش مسامحنى
أو عدم تمتعى بالغفران يخلينى مأقدرش أغفر للآخرين أكثر وأكثر ويدخل الأنسان فى
دائرة مفرغة ,أذا غفراننا للآخرين مش ثمن لغفران ربنا لينا لكن غفراننا للآخرين من
أجل أننا نشعر فعلا ونتمتع ونصدق بأن ربنا غفرلنا.

فأعطنا يارب
قوة الصفح لنغفر للمذنبين ألينا وأشعرنا بسلامك الذى يفوق كل عقل وذلك بصفحك عنا
والى اللقاء مع الجزء الثامن الطلبة السادسة وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ،راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم
العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين.

أخوكم
+++ فكرى جرجس

 

 

 

أضف تعليق