أرشيف لـأكتوبر 2011

تأملات وقراءات فى الصلاة الربانية الجزء السابع

26 أكتوبر 2011

 

 

 

تأملات وقراءات فى الصلاة الربانية

                متى 6: 9- 13  , لوقا 11: 2- 4

                              الجزء السابع

مقدمة

كما قلت أحنا
بنطلب الخبز المادى من ربنا وخبزنا كفافنا أعطنا اليوم ,عندما قيلت فى معناها أننا
بنطلب العيش من ربنا والعيش اللى يكفينا وأذا كان الخبز هو قوام الحياة وكما قلت
لقمة العيش أو عايش وهى من عيش ,فهو ربنا يقصد بكدة أننا نأخذ الخبز اللى يكفينا
كل يوم بيوم وهذا ما علمه لهم زمان بنزول المن وقال لهم تطلعوا كل يوم وتجمعوا
المن, أما الطماع واللى ماكانش واثق أنه غدا لن يجد ,كل ما أخذه زيادة أنتن وتعفن
معه والأعجب من كده اللى بسبب ضعفه وعجزه لم يستطع أن يجمع ما يكفيه لأنه ضعيف أو
عاجز وليس له أمكانيات ,فالقليل الذى له زاد بطريقة سرية  بحيث أن الكل يصل لدرجة الكفاف ولذلك أوصى بأن
يجمع المن كل يوم علشان كل يوم الأنسان يشعر أنه بيأكل من أيدين ربنا يعنى كل يوم
ربنا اللى بيأكله من أيده ,وربنا عايز يقولك أن أنا اللى وازن أحتياجاتك وأعرف
مقدار أحتياج كل نفس ,ولذلك فيه غدت كفاياتى
فهو يزن حاجة كل نفس ويعرف ما يكفينى بالضبط ويعطيه لى حتى لو كنت أنا ضعيف
أو عاجز ولم أستطيع أن أجمع كفايتى يعنى هو
قادر أنه يسد أحتياجاتى لأنه بيوزن
أحتياجات كل نفس فينا , نعم أنا بأطلب من ربنا خبز كل يوم وعايز أقول لربنا أنا مش
بأكل من أيد أحد غيرك ,ومحدش يأكلنى غيرك وعلشان كده بأطلب لقمة حياتى وكل
أحتياحاتى المادية والعاطفية والنفسية والروحية , لأ لن أأكل إلا من أيدين ربنا
ولذلك هناك خبز خاص هو خبز البنين اللى الأب يأكله للأبن وده ما يترميش لأى حد
لأنه قال ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب ,ولذلك بنقول لربنا لا تعطينا
خبز العامة ولكن أعطنا خبز البنين أو الخاصة والمختوم برضاء منك وأنك موافق يارب
أنك تعطينى الكمية دى والقدر ده والنوعية دى ,وأنك عطيتهونى برضاك ولم أأخذه بمكرى
ولا بخداعى ولا بسرقتى ولا بأى شىء شرير ,لكن أنا عايزه من أيديك يا رب ,وعلشان
كده لما بنقول خبزنا كفافنا أعطينا اليوم بنطلب أننا نعيش من أيدين ربنا وأن ربنا
هو مصدر حياتنا وقوام حياتنا ,ولو قلناها بالمعنى الروحى خبزنا الآتى أو خبزنا
الذى للغد أشارة إلى كلمة الله أو إلى سر الأفخارستيا أو خبز الحياة الأبدية الذى
هو جسدك ودمك ,يارب أعطيه لنا كل يوم ,لكى يتأكد لنا كل يوم أن لنا حياة أبدية
,والحقيقة المسيح ربط بين لتكن مشيئتك وبعدين راح قال وراها على طول خبزنا الذى
للغد أو كفافنا لأن لقمة عيشك مرتبطة بمشيئة الله ولذلك لما جاء المسيح على الأرض
قال كده فى يوحنا 4: 34 34قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ:
«طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.  وهذا ما يريد أن يقوله لك فى السكة وأن طعامك
أنت كمان وقوام حياتك اللى على الأرض واللى فوق فى السماء هى أن تعمل مشيئة الله
,ولما جابوا للمسيح أكل قالوا له كل فى يوحنا 4: 31- 34  31وَفِي أَثْنَاءِ
ذَلِكَ سَأَلَهُ تلاَمِيذُهُ قَائِليِنَ: « يَا مُعَلِّمُ، كُلْ» 32فَقَالَ
لَهُمْ: «أَنَا لِي طَعَامٌ لِآكُلَ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ أَنْتُمْ». 33فَقَالَ
التّلاَمِيذُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «أَلَعَلَّ أَحَداً أَتَاهُ بِشَيْءٍ
لِيَأْكُلَ؟» 34قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي
أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ. وأيه هو الطعام اللى من نوع آخر هو أن
أصنع مشيئتك وعلشان كده على أد الأنسان بيقبل مشيئة ربنا بفرح وبشكر وبرضاء وبطاعة
وبثقة,على أد ما بيعيش فكر الملكوت فى حياته ونسمع الآية اللطيفة اللى أتقالت فى
لوقا 14: 15 15فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ وَاحِدٌ مِنَ
الْمُتَّكِئِينَ قَالَ لَهُ: «طُوبَى لِمَنْ يَأْكُلُ خُبْزاً فِي مَلَكُوتِ
اللهِ». يعيش الملكوت ده بالأكل بمشيئة الله يعنى ياليت الله يقيم ملكوته
لنا حسب أنتظارنا ويعطينا نصيبا فيه وهذه كانت أفكار اليهود ولكنه لم يكن يميز ما
كان الله آخذا بتتميمه فى ذلك الوقت إذ كان عاملا نفس الشىء الذى كان ذاك الرجل
يتمناه , والرب يسوع يجاوبه وأظهر له أن الله قد أتى لأسرائيل بهذه البركة المعبر
عنها بالعشاء العظيم , وكأن الترتيب الحلو واللطيف كما قلنا أن المشيئة هى الملكوت
وبعدين الطعام بيرتبط بمشيئة الله وبعدين الأنسان ينظر لربنا ويقول وأغفر لى يا رب
أذا كنت ما عشتش حسب مشيئتك ولو كنت خفت من مشيئتك يا رب وماحققتهاش من فضلك يارب
أغفر لى أن أنا لم أحققها وهذه هى الطلبة الخامسة (12وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا.)                 

الطلبة الخامسة (وَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا.)

الحقيقة نحن
أمام طلبة تتصل بسابقتها إتصالا وثيقا ,فأن حرف الواو فى مطلع الآية يرينا تكملة
لازمة وكما أن الخبز ضرورى لحاجة الجسد فإن غفران الذنوب ضرورى لحاجة النفس وأن
كنا لا نأكل خبزا نضعف ويؤدى بنا الضعف إلى الموت ,كذلك إن كانت ذنوبنا لا تغفر
فأننا ننوء تحت ثقلها ونهلك فى خطايانا, ومن الغرابة أن تأتى طلبة غفران الذنوب
بعد طلبة الخبز لأن فى نظرنا أن طلبات النفس يجب أن تسبق طلبات الجسد ,ولكن هذه
الغرابة تزول بل تنقلب إلى أعجاب بشخص السيد المسيح وحكمته ,أذ نعلم أنه قصد هذا
الوضع لندرك إننا نخطىء ونحن فى النعمة ,أنه بالرغم من أن الله يعطينا خبزنا كل
يوم إلا أننا نسقط فى الخطية ونطلب الغفران ,وواضح أن آدم كان غرقا نفى النعمة لما
كسر الوصية وأكل من الشجرة اللى نهاه عنها الله ,وهكذا نحن نتمتع بنعمة الله كل
يوم ونسقط كل يوم ,فيالغنى نعمتك يارب ويالسوء تصرفنا فيارب رحمة بنا وأغفر لنا
ذنوبنا كما نغفر نحن أيضا للمذنبين ألينا ,ومن هذه الآية نجدها تدور فى ناحيتين :-

أولا : الصفح الإلهى (أغفر لنا ذنوبنا)

هنا تتجه
أفكارنا وأنظارنا إلى السماء ,إلى الآب السماوى لكى يصفح عن ذنوبنا ولكى نفهم كلمة
ذنوب أو الخطايا نعود إلى التراجم واللطيف أن كلمة الخطية باليونانى بيكون لها
خمسة معانى وبعض هذه المعانى فى التسبحة اللى بنصليها فكل اللى بيصلى فينا التسبحة
سيجد ان الكلام ده بيتكرر كتير وخصوصا فى تسبحة الصوم الكبيروهذه المعانى هى 1-
كلمة أمارتيا أو عدم أصابة الهدف أو واحد أخطأ
الهدف وهذه تسمى خطية أو فشل فى أن يكون ما كان يجب أن يكون يعنى مقدرش يحقق اللى
هو كان لازم يبقى عليه ,2- كلمة بارافتوما ومعناها
الأنزلاق أو التزحلق أو الذلل ,يعنى واحد ماشى راح متزحلق ووقع ,3- كلمة براغيتس ومعناها التعدى ,أو واحد تخطى الحدود ,فى خط
فاصل ما بين الخير والشر ,فواحد عمل خطية يعنى عدى الخط الفاصل ما بين الخير والشر
,4- كلمة آنوميا ومعناها مخالفة للقانون أو واحد كسر
القانون ,5- كلمة أوفيلينى ومعناها دين أو واحد
عليه دين وما أوفاش الدين اللى عليه ,يعنى واحد عليه حاجة ولم يوفى دينه وعلشان
كده فى الترجمة التانية لأبانا الذى بنقول وأغفر لنا ما علينا أو الدين اللى علينا
علشان الخطية دى دين علينا , ونستخلص من الفاظها أن الذنوب تعنى فى معناها السلبى
ديون وفى معناها الأيجابى تعديات.

 فهى ديون لأن لله علينا حقوق يجب أن نؤديها و
أذا قصرنا فى تأديتها نبقى تحت ثقل الدين والحقيقة لو تأملنا فى كل الصلاة
الربانية لأستطعنا أن نكتشف الحقوق اللى علينا تجاه الله وفى ضوء تلك الحقوق يمكننا
أن نحكم على أنفسناأن كان علينا ديون أو لأ , فنحن نصلى أبانا الذى فى السموات وفى
أعترافنا بأبوته يكون من حقه علينا أن نكرمه كأبناء ,وأيضا لأنه سماوى فمن حقه
علينا أن نخشع له ونخضع ,وأيضا نحن نعترف بقداسته ,فمن حقه علينا أن نقدس أسمه وأن
نتقدس بيه ,أيضا نحن نطلب إتيان ملكوته أذا فمن حقه أن يملك علينا ,ولكن الغريب من
أمرنا أننا كل يوم بنتهرب من هذا الملك العظيم ,وفى طلبة لتكن مشيئتك إعتراف منا
بالتسليم والخضوع لتلك المشيئة ,ونسأل نفسنا هل نحن نستسلم ونخضع له حقا ؟ وأذا
كان الله يعطينا الخبز اليومى أليس من حقه علينا أن نشكره دائما ؟ فهل نفعل هذا؟
وهل نوفى لله حقوقه من إكرام وتوقير وخضوع وتقديس وتسليم وشكر ؟وهل نوفيه حقوقه فى
حفظ يوم الرب وفى تقديس العشور ؟ وفى المواظبة على الذهاب إلى بيته بفرح ؟ وفى
المداومة على أسرار الكنيسة ؟ أذا الأجابة واضحة إن كنا مقصرين فى هذه الإلتزامات
فنحن فى ديون ,أذا لابد أن نطلب منه (أغفر لنا يارب ديوننا لأننا نعترف بعجزنا عن
الوفاء).

والذنوب هى
أيضا تعديات وهى خطايا لأن الخطية هى التعدى ,وقد وضع الله لوائح وشرائع وقوانين
مقدسة ,فأى تعدى على هذه الشرائع يعتبر ذنب وخطية ,ده اللى بيدوس شرائع الأرض
ويكسر دستور الدولة بيعتبروه مجرم فى نظر القانون الأرضى ,ما بالكم بقى باللى
بيكسر قانون السماء ويتعدى على شريعة الله ,والحقيقة السيد المسيح لخص لنا
القوانين وجمعها فى قوله فى أنجيل معلمنا مرقس الرسول 12: 29- 31  29فَأَجَابَهُ يَسُوعُ:
«إِنَّ أَوَّلَ كُلِّ الْوَصَايَا هِيَ: اسْمَعْ يَا إِسْرَائِيلُ. الرَّبُّ
إِلَهُنَا رَبٌّ وَاحِدٌ. 30وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ،
وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هَذِهِ
هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى. 31وَثَانِيَةٌ مِثْلُهَا هِيَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ
كَنَفْسِكَ. لَيْسَ وَصِيَّةٌ أُخْرَى أَعْظَمَ مِنْ هَاتَيْنِ».طيب يارب مفيش غير دول ,أيوه مفيش غيرهم
,ماهم دول اللى كل الوصايا بتدور حواليهم ,فإن كنا كاسرين لهذا القانون فما أحوجنا
إلى أن نسرع إلى الله ونطلب الصفح قبل أن يقع علينا العقاب ونقول( أغفر لنا ذنوبنا
وأترك لنا ديوننا وأغفر لنا تعدياتنا) , والأمر العجيب أن أبونا السماوى مستعد أن
يصفح عنا صفحا 1- مجانيا 2- مستمرا 3- متسعا 4- شاملا 5- كاملا,وده اللى بيشجعنا
إلى الأسراع له لطلب المغفرة ,(1) فصفحه المجانى أمر ظاهر لأن طبيعته الصفح ,وفى مثل
الأبن الضال ,أبوه لم ينتظر من الأبن أعترافا ولم يبدأ بعتابه ولم يدعه يكمل
أعترافه الذى أعتزم على النطق بيه فقبل أن يقول له إجعلنى كأحد أجرائك كان أبوه قد
أمر بالحلة الأولى والخاتم والحذاء والعجل المسمن ,وهو ده صورة توضيحية لصفج الآب
السماوى ,ومثل الأبن الضال مثل يطول التأمل فيه وسنتعرض له فى تأملات أخرى, فكما
قلت (2)صفح الله مستمر ,وأن قلنا قبل ذلك أن عبارة كما فى
السماء كذلك على الأرض تتوافق مع كل طلبة من الطلبات الثلالة الأولى فإن كلمة
اليوم تتوافق مع كل الطلبات الأخيرة ,فنحن نحتاج إلى الخبز كل يوم ,وعلى غفران
الخطايا كل يوم ,وإلى النجاة من التجارب والشرير كل يوم ,لأن صفحه مستمر لأنه صالح
وإلى الأبد رحمته, وأيضا (3)صفح الله متسع لأنه يتسع لأكثر من ذنب فأننا نطلب
أغفر لنا ذنوبنا وليس ذنبنا ولكل منا أكثر من ذنب ,لكل منا ذنوب (ذنوبى وذنوبك
وذنوب الغير) كلها يتسع لها صفحه وكلنا نعلم ليست الذنوب هى فقط الخطايا الظاهرة
من قتل وسرقة وزنا ,بل أيضا الخطايا المستترة والسهوات ومن منا يشعر بها حتى داود
قال فى مزمور 19: 12  12اَلسَّهَوَاتُ مَنْ يَشْعُرُ بِهَا! مِنَ
الْخَطَايَا الْمُسْتَتِرَةِ أَبْرِئْنِي وما أشبه هذه السهوات والخطايا المستترة بالذرات
المتعددة التى يتكون منها سطح كبير ثقيل من الذنوب ,يعنى ذنوب كثيرة كأنه مجتمع
شياطين (لجيئون)ولكن صدر الآب يتسع لإحتمالنا ويصفح دائما عنا , وأيضا (4)صفح
الله شامل ,يعنى بيتناول
صفحه جميع الخطايا مهما تنوعت ومهما أختلف مصدرها ,بمعنى آخر كل الذنوب الفكرية
والقلبية والعملية ليها غفران ,ولو تأملنا فى المسيح المصلوب نجد أنه قد سالت دماء
المسيح من رأسه لتعلن أن خطايا الفكر لها غفران ,ومن جنبه لتعلن أن خطايا القلب
لها غفران ومن يديه ومن رجليه لتعلن أن جميع الخطايا يمكن أن تغسل وتطهر , وأيضا (5)صفح الله كامل ,لأن صفحه ليس كصفح البشر بل على النقيض فنحن قد نصفح ربما للمجاملة نتيجة
تدخل شخصية كبيرة فى الصلح أو نصفح حبا فى الظهور بالتقوى والعجيب أنه فى صفحنا
هذا لا ننسى الإساءة بل نتجرأ ونفتخر ونقول أنا صفحت عن فلان ولكنى غير قادر أن
أنسى له أساءته ,وعلى النقيص أما الله فمن هو إله مثله كما يقول ميخا 7: 18- 19 18مَنْ هُوَ إِلَهٌ مِثْلُكَ غَافِرٌ الإِثْمَ وَصَافِحٌ عَنِ
الذَّنْبِ لِبَقِيَّةِ مِيرَاثِهِ! لاَ يَحْفَظُ إِلَى الأَبَدِ غَضَبَهُ
فَإِنَّهُ يُسَرُّ بِالرَّأْفَةِ. 19يَعُودُ يَرْحَمُنَا يَدُوسُ آثَامَنَا
وَتُطْرَحُ فِي أَعْمَاقِ الْبَحْرِ جَمِيعُ خَطَايَاهُمْ. 20تَصْنَعُ الأَمَانَةَ
لِيَعْقُوبَ وَالرَّأْفَةَ لإِبْرَاهِيمَ اللَّتَيْنِ حَلَفْتَ لِآبَائِنَا مُنْذُ
أَيَّامِ الْقِدَمِ.وفى موضع آخر يقول فى العبرانيين 10: 17 17وَ: «لَنْ أَذْكُرَ خَطَايَاهُمْ وَتَعَدِّيَاتِهِمْ فِي مَا
بَعْدُ».هذا هو صفح الآب صفح مجانى-مستمر-متسع-شامل-كامل .ولكن حذارى أن
نطمع فى هذا الصفح ونستخف ونتساهل مع الشر ونسرع إلى الخطية,فإن صفح الله لكل نفس
تقدر الله وتكره الخطية ويقول يوحنا الرسول فى رسالته الأولى 2: 1 1 يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ
تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا شَفِيعٌ عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ
الْمَسِيحُ الْبَارّ. يعنى أذا أخطأنا مغلوبين من التجربة وذلك بالرغم منا
فهناك ائما باب الأمل مفتوح للصفح ولذلك فلنا شفيع عند الله يسوع المسيح البار ,
ونحن نحتاج لكى ننال بركات الصفح أن نطلب – وأن نعترف- وأن نؤمن ,فالمسيح يعلمنا
أن نطلب وأن نصلى أغفر لنا ذنوبنا ويعلمنا أن نعترف ,ففى قولنا (ذنوبنا) هو إعتراف
صريح بأننا مذنبون فلنقل مع القديس يوحنا الرسول فى رسالته الأولى 1: 9- 10
.9إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ
وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ.
10إِنْ قُلْنَا إِنَّنَا لَمْ نُخْطِئْ نَجْعَلْهُ كَاذِباً، وَكَلِمَتُهُ
لَيْسَتْ فِينَا.
فيعلمنا المسيح أن نؤمن فلما بنذهب إلى الآب السماوى لا
نتشكك بل نقول فى ثقة ويقين أغفر لنا ذنوبنا ,ونحن نبنى الطلبة اليوم على أساس قد
صار أمام عيوننا أكثر وضوحا لأنه كما يقول يوحنا الرسول فى رسالته الأولى 1: 7 7وَلَكِنْ إِنْ سَلَكْنَا فِي النُّورِ كَمَا هُوَ فِي
النُّورِ، فَلَنَا شَرِكَةٌ بَعْضِنَا مَعَ بَعْضٍ، وَدَمُ يَسُوعَ الْمَسِيحِ
ابْنِهِ يُطَهِّرُنَا مِنْ كُلِّ خَطِيَّةٍ يعنى دم المسيح بيطهرنا من كل
خطية ولأن الكتاب بيقول فى العبرانيين 7: 25 25فَمِنْ
ثَمَّ يَقْدِرُ أَنْ يُخَلِّصَ أَيْضاً إِلَى التَّمَامِ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ
بِهِ إِلَى اللهِ، إِذْ هُوَ حَيٌّ فِي كُلِّ حِينٍ لِيَشْفَعَ فِيهِمْ.

ثانيا: الصفح البشرى (كما نغفر نحن أيضا للمذنبين ألينا)

أغفر لنا كما
نغفر نحن أيضا للمذنبين ألينا ,فليس معنى ذلك أن يغفر لنا الله بالمقياس الذى نغفر
نحن به للآخرين وإلا عليه العوض فينا ونصبح أشقياء أذا طلبنا هذا الطلب ,ولكن
المعنى الذى يقصده السيد المسيح أنه كما فى السماء كذلك على الأرض ,يعنى كما فى
السماء صفح أبوى – مجانى – مستمر – متسع – شامل – كامل ,فكذلك ليكن صفحنا على
الأرض على هذا النحو فيجب ان نصفح للآخرين فى أوسع مدى متمثلين بالصفح الإلهى ,ولو
تأملنا لحظة أن صفح البشر يتطلب أن المسىء يأتى إلى المساء إليه ليطلب منه الصفح
ويعترف بإسائته ولكن السيد المسيح علمنا الصفح فى صورة أرقى وأسمى من هذا كما يقول
فى أنجيل معلمنا متى البشير 18: 15 15«وَإِنْ أَخْطَأَ
إِلَيْكَ أَخُوكَ فَاذْهَبْ وَعَاتِبْهُ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ وَحْدَكُمَا. إِنْ
سَمِعَ مِنْكَ فَقَدْ رَبِحْتَ أَخَاكَ. وهنا يطلب المسيح أن يذهب المساء
أليه إلى المسىء يعنى أذهب إلى أخى الذى أخطأ أليا وأعاتبه إن سمع منى فقد ربحته
وإن لم يسمع منى عليا أن أحاول مرة أخرى آخذا معى واخد أو أثنين حتى يتم الصلح
وأذا لم يسمع أيضا عليا أن أبذل مسعى جديد بواسطة الكنيسة حتى يرفع كل مرارة وكل
سخط وكل خصام ,فهذا هو نوع الصفح الجديد الذى علمه يسوع ويستصعبه البشر ولكن أتباع
المسيح يجب أن يمارسوه ,الحقيقة صفح البشر ضيق فهو صفح محدود ,فقد نصفح مرة ولكننا
لا نقوى على الصفح مرات ,وقد يحسب الأنسان أنه واسع الصدر جدا أن صفح مرتين أو
ثلاثة ! ولعل بطرس عندما تقدم ليسوع المسيح ليسأله عن عدد المرات التى يصفح فيها
,كان رقم سبعة أمام عينيه كأنه أبعد حدود الصفح عند الأنسان المثالى فى متى 18:
21- 22 21حِينَئِذٍ تَقَدَّمَ إِلَيْهِ بُطْرُسُ وَقَالَ:
«يَا رَبُّ، كَمْ مَرَّةً يُخْطِئُ إِلَيَّ أَخِي وَأَنَا أَغْفِرُ لَهُ؟ هَلْ
إِلَى سَبْعِ مَرَّاتٍ؟» 22قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «لاَ أَقُولُ لَكَ إِلَى سَبْعِ
مَرَّاتٍ، بَلْ إِلَى سَبْعِينَ مَرَّةً سَبْعَ مَرَّاتٍ.المسيح هنا بهر
بطرس بالأجابة لأنه جعل من السبعة سبعات مضعفة قاصدا بذلك إن الصفح المثالى يجب أن
يكون بغير حدود ,والحقيقة قد نستصعب نحن هذا الكلام ,ولكننا نجد من البشر نظيرنا
من قدموا صفحا مثاليا , وها هو أسطفانوس يرجم بالأحجار وهو برىء ولكنه يصلى من أجل
راجميه فى أعمال الرسل 7: 60 60ثُمَّ جَثَا عَلَى
رُكْبَتَيْهِ وَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ: «يَا رَبُّ لاَ تُقِمْ لَهُمْ هَذِهِ
الْخَطِيَّةَ». وَإِذْ قَالَ هَذَا رَقَد وأيضا بولس الرسول وهو يتحمل
الشتائم والأضطهاد يقول فى رسالته لكورونثوس الأولى 4: 12- 13 12وَنَتْعَبُ عَامِلِينَ بِأَيْدِينَا. نُشْتَمُ فَنُبَارِكُ.
نُضْطَهَدُ فَنَحْتَمِلُ. 13يُفْتَرَى عَلَيْنَا فَنَعِظُ. صِرْنَا كأَقْذَارِ
الْعَالَمِ وَوَسَخِ كُلِّ شَيْءٍ إِلَى الآنَ.ولنرفع أنظارنا إلى مثالنا
الأكمل الذى أشترك معنا فى اللحم والدم الرب يسوع لنجده وهو القوى يصفح لمن لطمه
فى يوحنا 18: 23 23أَجَابَهُ يَسُوعُ: «إِنْ كُنْتُ قَدْ
تَكَلَّمْتُ رَدِيّاً فَاشْهَدْ عَلَى الرَّدِيِّ، وَإِنْ حَسَناً فَلِمَاذَا
تَضْرِبُنِي؟» ويصفح عن الذين بصقوا على وجهه وأهانوه وصلبوه فى لوقا 23:
34  34فَقَالَ
يَسُوعُ: «يَا أَبَتَاهُ، اغْفِرْ لَهُمْ، لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا
يَفْعَلُونَ». وَإِذِ اقْتَسَمُوا ثِيَابَهُ اقْتَرَعُوا عَلَيْهَا. فلنكن
لطفاء شفوقين متسامحين كما سامحنا الله أيضا فى المسيح ,وأن كان الله يصفح عنا
ويغفر لنا ذنوبنا الكثيرة فيجب علينا أن نغفر للآخرين أسائاتهم ولقد أوضح السيد
المسيح فى مثل العبد الذى لا يغفر فى متى 18: 23- 35 23لِذَلِكَ
يُشْبِهُ مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَاناً مَلِكاً أَرَادَ أَنْ يُحَاسِبَ
عَبِيدَهُ. 24فَلَمَّا ابْتَدَأَ فِي الْمُحَاسَبَةِ قُدِّمَ إِلَيْهِ وَاحِدٌ
مَدْيُونٌ بِعَشْرَةِ آلاَفِ وَزْنَةٍ. 25وَإِذْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَا يُوفِي
أَمَرَ سَيِّدُهُ أَنْ يُبَاعَ هُوَ وَامْرَأَتُهُ وَأَوْلاَدُهُ وَكُلُّ مَا
لَهُ، وَيُوفَي الدَّيْنُ. 26فَخَرَّ الْعَبْدُ وَسَجَدَ لَهُ قَائِلاً: يَا
سَيِّدُ، تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ. 27فَتَحَنَّنَ سَيِّدُ ذَلِكَ
الْعَبْدِ وَأَطْلَقَهُ، وَتَرَكَ لَهُ الدَّيْنَ. 28وَلَمَّا خَرَجَ ذَلِكَ
الْعَبْدُ وَجَدَ وَاحِداً مِنَ الْعَبِيدِ رُفَقَائِهِ كَانَ مَدْيُوناً لَهُ
بِمِئَةِ دِينَارٍ، فَأَمْسَكَهُ وَأَخَذَ بِعُنُقِهِ قَائِلاً: أَوْفِنِي مَا لِي
عَلَيْكَ. 29فَخَرَّ الْعَبْدُ رَفِيقُهُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَطَلَبَ إِلَيْهِ
قَائِلاً: تَمَهَّلْ عَلَيَّ فَأُوفِيَكَ الْجَمِيعَ. 30فَلَمْ يُرِدْ بَلْ مَضَى
وَأَلْقَاهُ فِي سِجْنٍ حَتَّى يُوفِيَ الدَّيْنَ. 31فَلَمَّا رَأَى الْعَبِيدُ
رُفَقَاؤُهُ مَا كَانَ، حَزِنُوا جِدّاً. وَأَتَوْا وَقَصُّوا عَلَى سَيِّدِهِمْ
كُلَّ مَا جَرَى. 32فَدَعَاهُ حِينَئِذٍ سَيِّدُهُ وَقَالَ لَهُ: أَيُّهَا
الْعَبْدُ الشِّرِّيرُ، كُلُّ ذَلِكَ الدَّيْنِ تَرَكْتُهُ لَكَ لأَنَّكَ طَلَبْتَ
إِلَيَّ. 33أَفَمَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّكَ أَنْتَ أَيْضاً تَرْحَمُ الْعَبْدَ
رَفِيقَكَ كَمَا رَحِمْتُكَ أَنَا؟. 34وَغَضِبَ سَيِّدُهُ وَسَلَّمَهُ إِلَى
الْمُعَذِّبِينَ حَتَّى يُوفِيَ كُلَّ مَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ. 35فَهَكَذَا أَبِي
السَّمَاوِيُّ يَفْعَلُ بِكُمْ إِنْ لَمْ تَتْرُكُوا مِنْ قُلُوبِكُمْ كُلُّ
وَاحِدٍ لأَخِيهِ زَلَّاتِهِ». ففى هذا المثل نرى السيد وقد صفح عن العبد
المديون بعشرة آلاف وزنة والوزنة تساوى 30 كيلو جرام يعنى ثلاثة مائة الف كيلو من
الذهب أو الفضة لعجزه عن الوفاء وكان سيباع هو وأمرأته وأولاده وكل ما له ويوفى
الدين ولن يوفى ,ولكن السيد تحنن عليه وأطلقه لعجزه وترك له الدين ,وفى المقابل
هذا العبد لم يشأ أن يصفح عن رفيق له كان مديونا له بمبلغ لا يذكر بالنسبة لدينه
الأول الكبير لو قلنا مثلا أنه كيلو جرام ! ,وبعدين راح ماسك برقبة رفيقه ولم
يتحنن عليه ومش بس كده ده كمان وضعه فى السجن وهو غير مصغى لأسترحام وعجز رفيقه
,وكان السؤال هل يفر هذا العبد القاسى الذى تمتع يالصفح الكبير ولم يشأ أن يصفح
صفحا هينا ؟ طبعا أن السيد يحضره ويحكم عليه ليسلم للمعذبين حتى يوفى كل ما كان
عليه وهو لن يوفى ويختم السيد المسيح بقوله فهكذا أبى السماوى يفعل بكم إن لم
تتركوا من قلوبكم كل واحد لأخيه زلاته , وعلشان كده المسيح بيصر على هذه الطلبة
ولما نرجع لأنجيل معلمنا متى لما كان المسيح بيتكلم عن هذه الصلاة فهى الطلبة
الوحيدة اللى علق عليها السيد المسيح بعد ما قال للتلاميذ أبانا الذى ….. متى 6:
14- 15 14فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ
زَلاتِهِمْ، يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ. 15وَإِنْ لَمْ
تَغْفِرُوا لِلنَّاسِ زَلَّاتِهِمْ، لاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُمْ أَيْضاً
زَلَّاتِكُمْ.يعنى الغفران وضعه السيد المسيح كشرط ,والحقيقة الأنسان اللى
بيغفر أنسان وصل لقامة الصليب لأن منتهى قامة الصليب هو الغفران ,فالسيد المسيح
شال الصليب وعلق على الصليب من أجل الغفران ,فإذا قدر الأنسان يحقق هذا الغفران
لأخوه فهو بكده يكون شال الصليب وكمان أتعلق على الصليب ومش ممكن واحد يكون وصل
إلى قامة الصليب وتحسب عليه خطية ,ومش ممكن واحد يكون بيغفر للآخرين وربنا مايغفرلهوش
,لأن معنى أنه غفر أنه وصل للصليب وأنه تعلق بالصليب بل وصل إلى قامة الصليب لأن
العبارة التى قالها السيد المسيح على خشبة الصليب وعو معلق عليها (يا أبتاه أغفر
لهم ) ,فواحد وصل أنه يغفر يبقى ده وصل لقمة الصليب فعلشان كده هو كمان ماتبقاش
عليه خطية ,ولكن ذلك مش معناه أن الله بيغفر لنا على أساس التبادل لأننا بنغفر
للناس ,يعنى مش واحدة مقابل واحدة ,أنت تغفر لأخوك يقوم ربنا يغفر لك لأن أصلا
خطيتى وخطيتك وخطية الآخرين ليس لها غفران إلا بدم المسيح ,يعنى أنا مابقدمش غفران
للناس علشان فى المقابل يقدم غفران ليا لأن لا أحد يستطيع أن يدفع ثمن الغفران غير
المسيح ,أذا فهو ليس أساس للتبادل أن غفراننا لخطايا الآخرين يكون ثمن لغفران ربنا
لينا ,لكن فى واقع الأمر أن غفراننا للآخرين بيبقى شرط مهم جدا علشان أحنا نقبل
ونصدق غفران الله لينا لأنه ممكن الله يبقى غفر لينا وأحنا مش مصدقين ومش متمتعين
بهذا الغفران ,يعنى الله غفر لينا وأحنا لسه جوانا ضمير مثقل بالخطايا ,وأحساس
بعقدة الذنب أذا فشلت أنى أقبل غفران الله ليا ,فهذا سيكون من ضمن أسبابه الرئيسية
أن أنا لم أغفر للآخرين ودى نتيجة لدى وتؤدى إلى دى , يعنى أنا مبأسامحش الآخرين
لأنى مش حاسس أن ربنا سامحنى وفى نفس الوقت نتيجة عدم أحساسى بأن ربنا مش مسامحنى
أو عدم تمتعى بالغفران يخلينى مأقدرش أغفر للآخرين أكثر وأكثر ويدخل الأنسان فى
دائرة مفرغة ,أذا غفراننا للآخرين مش ثمن لغفران ربنا لينا لكن غفراننا للآخرين من
أجل أننا نشعر فعلا ونتمتع ونصدق بأن ربنا غفرلنا.

فأعطنا يارب
قوة الصفح لنغفر للمذنبين ألينا وأشعرنا بسلامك الذى يفوق كل عقل وذلك بصفحك عنا
والى اللقاء مع الجزء الثامن الطلبة السادسة وَلاَ تُدْخِلْنَا فِي تَجْرِبَةٍ،راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم
العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين.

أخوكم
+++ فكرى جرجس

 

 

 

تأملات وقراءات فى الصلاة الربانية الجزء السادس

26 أكتوبر 2011


تأملات وقراءات فى الصلاة الربانية

                متى 6: 9- 13  , لوقا 11: 2- 4

                              الجزء السادس

مقدمة

لكى نستطيع أن نفهم طبيعة الملكوت وماهو ملكوت ربنا؟ نجدالمسيح بيكملها على طول لتكن مشيئتك ,
أذا الملكوت هو اننا نعيش مشيئة الله ونعيش أرادة الله ونعيش اللى ربنا عايزه لينا
و كما نعلم أن الذين سقطوا لايمكن تجديدهم لأنهم سقطوا عما أراده الله ليهم ,وربنا
كان عايز ليهم حاجة لكن هم سقطوا منها ولم يأخذوها لكن الأنسان اللى ربنا عايز
يعطيه حاجة ويأخذها ويحققها يكون على طول عايش الملكوت وكم يريد الله لنا من أشياء
كثيرة ولكن للأسف بسبب عناد القلب وبسبب الغباوة وبسبب قساوة القلب والخطية بنفقد
حاجات كتيرة جدا ربنا كان معدها لينا وعايزها لينا ولكن لأننا قلنا له لأ مش
عايزين مشيئتك خسرنا هذا الملكوت ,يعنى لو الواحد أخذ يتخيل لو أتيح لينا فى
الحياة الأبدية فوق أن كل واحد يتطلع على خطة الله اللى كان ربنا راسمها له وكان
ربنا عايزه يبقى فيها ويطلع عليها وبعدين يعمل مقارنة بينها وبين اللى هو عمله فى
حياته آه ده حايندم ندم ,قد أيه ربنا كان عايز لى مجد وكرامة وقداسة وفرح وسرور
ولكن أنا بغباوتى وعدم طاعتى وتذمرى وعدم قبولى ضيعت كل هذا ,وأعتقد أن هذا سيكون
أصعب شىء للناس اللى هم مش فى الملكوت الذين سقطوا عما أراده الله لهم سيتعبهم ,لو
الأنسان نظر إلى الوراء وشاف ربنا كان عايزه يبقى أيه وبعدين هو بعناده عمل أيه
وأصبح أيه ,فهذا أكبر شىء سيتعب الأنسان أن أنا ضيعت الفرصة ,وكان ممكن أبقى شىء
ولكن بسبب عنادى وقساوة قلبى وتذمرى فقدت كل شىء ولذلك لما بأقول لربنا ليأتى
ملكوتك تعالى يارب وأملك عليا وأعطينى أستعداد لهذا الملكوت وأن أنا أشعر أن هذا
الملكوت يستحق أن أنا اضحى من أجله وأتعب من أجله لأن هو لؤلؤة كثيرة الثمن ,وقد
رأينا ملكوت الله فى العهد القديم من خلال الناموس ,وان أرادة الله هى قداستكم
وأرادة الله هى مجدكم ,وهى فرحكم وهى راحتكم ,وبعدين رأينا كيف أن الأنسان كسر
الراحة والفرح والقداسة ,وبعدين المسيح تجسد من أجل أنه يحقق هذا الملكوت على الأرض
وكانت كرازته كلها وكرازة يوحنا المعمدان اللى أعد الطريق قدامه وكرازة التلاميذ
اللى ارسلهم تنادى بـ قد أقترب منكم ملكوت السموات ,ان المسيح جاء ليحقق هذا
الملكوت بتجسده ,وبعد ما تجسد وفدانا وجددنا وعمل خلقة جديدة ,ارسل لنا الروح
القدس ,طيب الروح القدس بيعمل أيه ؟ الروح القدس بيثبت ملكوت الله فى حياتنا
ويجعلنا نعيش الملكوت لأن ثمار الروح القدس محبة وسلام وووو… لأن كل هذه الأشياء
هى الملكوت وعلشان كده ربنا قال أنا سايب لكم الروح القدس يعلمكم ويذكركم ويرشدكم
ويمكنكم ويعزيكم ,وبعدين المرحلة الرابعة من الملكوت المجىء الثانى وأستعلان
الملكوت لكل أنسان ,حقيقى ربنا لما أتكلم مع بيلاطس قال له أن مملكتى ليست من هذا
العالم ,ولكن ملكوت الله يستعلن فى العالم ,يعنى ليس هو فى العالم ولكن يستعلن فى
العالم وحيظهر فى العالم ,وأن الناس اللى ستعيش مشيئة ربنا هنا على الأرض وفى العالم
,هذه الناس تعلن ملكوت الله على الأرض ولذلك فى كل مرة أنت بتقول لربنا لتكن
مشيئتك وبتقولها من قلبك أنت بتحقق الملكوت وبتعيشه ولذلك هو فى آية من الآيات قال
ليس كل من يقول يارب يارب يدخل ملكوت السموات بل من يصنع أرادة الله ,لأنه مش كل
واحد بيصلى وبيقول يارب سيدخل الملكوت , ومش كل واحد أو واحده دخلوا الكنيسة
سيدخلون الملكوت لكن من يصنع أرادة الله الذى يقول له لتكن مشيئتك ,هذا هو الذى
يستطيع أن يعيش الملكوت ولما بيقول له لتكن مشيئتك بيقولها له بقبول وبفرح وليس
بأحساس الأنسان المغلوب على أمره ,أهو بقى لتكن مشيئتك حنعمل أيه ما أنت عايز كده
وخلاص ..اعملك ايه بقى ..اللى أنت حكمت بيه يارب ,الحقيقة لأ مش كده لأن اللى
يقولها لربنا لازم يكون بفرح وبقبول ,وعلشان كده لما بأقول لربنا لتكن مشيئتك مش
معناها أنى بأعطى ربنا تصريح ,وأقول له خذ تصريح ونفذ مشيئتك بالطبع لأ لأنه لو هو
عايز ينفذ مشيئته سينفذها غصب عنى ولكن لما بأقوله لتكن مشيئتك يارب يعنى أعطينى
يارب أن أنا أقبل مشيئتك فى حياتى بفرح ولست مضطرا ولا غصب عنى لكن أقبل هذه
المشيئة بفرح وبرضاء وبطاعة وبخضوع وبشكر لأنى واثق من أن أنت أبويا اللى بتقدم لى
هذه المشيئة ,مش زى ما أحنا بنعمل فى أوقات كتيرة ونقول لتكن يارب مشيئتك وبعدين
بنكملها فى سرنا حسب مشيئتى ,يعنى نفسنا نقول لربنا كده لتكن يارب مشيئتك حسب
مشيئتى يعنى أنت يارب تعمل زى ما أنا عايز وفى تلك اللحظة نسقط عما أراده الله لنا
ولا نستطيع أن نعيش فكر الملكوت , طيب يارب أعرف مشيئتك من أين؟وأقول لك لتكن
مشيئتك ,وأعرف من أين أن هذه مشيئتك؟ الحقيقة الأجابة بسيطة 1- من كلامك أو من
الكتاب المقدس لأن مشيئة الله معلنة فى الكتاب المقدس وربنا لا يريد شىء غير اللى
فى الكتاب المقدس 2- الروح القدس الذى يعلمكم ويرشدكم ويذكركم ويعلن ليكم مشيئة
الله ,بالصلاة لما بأتملى بالروح بأأخذ أرشاد 3- الأحداث اللى بتتم فى حياتى طالما
أنا مسلم المشيئة بالكامل والأرادة ثق أن الأحداث وكل الأمور تعمل معا للخير للذين
يحبون الله ,فى هذ الثلاث طلبات نلاحظ أننا بنكلم الثالوث المقدس لكن من غير ما
بنأخذ بالنا فلما بنقوله ليتقدس أسمك يعنى بأكلم الآب ولما بأقول ليأتى ملكوتك بأكلم
الأبن لأن هذا الملكوت جاء بواسطة الأبن ,لما بأقول لتكن مشيئتك بأكلم الروح القدس
لأنى بأعرف المشيئة بالروح القدس المعزى والمرشد والذى يذكرنا ويعرفنا ولذلك انا
من خلال
صلاة أبانا الذى فى السموات بأتعامل مع
الثالوث وبعدين بأقول كما فى السماء كذلك على الأرض ,والمسيح أعطانا حياه سماويه
فى شخصه لأنه جاء على الأرض وصنع كل ما هو سماوى وهو على الأرض وهو اللى حقق أن
تبقى السماء زى الأرض أو الأرض زى السماء وفى اللغة الفرنسية لا يصلونها كما نصليها
بيقولوا لتكن مشيئتك كذلك على الأرض كما فى السماء بعكس العربى والأنجليزى ,يعنى
الأول بقول له كذلك على الأرض كما فى السماء ,طيب أيه هو اللى كذلك على الأرض
,فنجدها تعود على الجملة التى قبلها وهى المشيئة أو مشيئة ربنا ,ونقول أجعل مشيئتك
يارب على الأرض فى حياتنا زى ما هى سارية فى السماء زى ما نكون نحن بكل كياننا
وبكل ترتيبنا بنشتاق الى حياة السماء التى تكلمنا عليها من قبل ولذلك نجد الكلمات
كلها مرتبطة مع بعض ,يعنى الملكوت لا يأتى إلا أذا تقدس أسم الله والملكوت هو أن
الأنسان يعيش مشيئة الله ,ومشيئة الله تتم على الأرض ولذلك قلنا أن الملكوت حقيقى
هو مش من هذا العالم ولكن مستعلن من هذا العالم وهذه هى الثلاث طلبات اللى بيختصوا
بعلاقتنا بالله وبعد كده ربنا بيقول لنا أنا بأهتم بكل حاجة تهمكم (خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا كُلَّ يَوْمٍ،)

الطلبة لرابعة (خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ.)

بعد كده المسيح فى دروسه اللى بيعلمها لينا فى مدرسة
الصلاة أننا بعد ما أقتربنا منه بتقديس الأسم وبتمجيد الملكوت وصلاح المشيئة
نستطيع أن نطلب أحتياجاتنا اللى بنعبر عنها فى أربع طلبات وأولهم (خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا كُلَّ يَوْمٍ،) أو على
حسب الترجمة التانية أعطنا اليوم وبنلاحظ فى ترجمات كثيرة لهذه العبارة بالذات ففى
ناس بتصلى وتقول خبزنا للغد أعطنا اليوم ,وفى ناس تانية بتقول خبزنا الآتى أعطنا
اليوم ,وناس بتقول خبزنا كفافنا أعطنا اليوم وفى الترجمة الحديثة التى هى أصح
ترجمة بتقول خبزنا الجوهرى ,المهم أذا كانت كلمة الخبز تعنى قوام الحياة فسواء
طلبنا قوام الحياة الأبدية أذا صلينا خبزنا الذى للغد أو خبزنا الآتى ,فهذا الخبز
هو قوام الحياة الأبدية الذى تقوم عليه الحياة الأبدية التى نستطيع أن نعيشها أولو
طلبنا قوام الحياة الزمنية الذى هو خبز الكفاف الذى يكفينا أن نعيش على الأرض ,فهو
فى واقع الأمر الخبز الجوهرى سواء للحياة الأبدية أو الحياة الزمنية اللى بنطلبه
من ربنا ,وعلشان كده حتى لو كنا بنطلب الخبز أو العيش بالبلدى وبيسموها لقمة العيش
أو لقمة الحياة ,فأذا كنا بنطلب الخبز الزمنى فنحن بنطلبه من يد الله يعنى أن ربنا
هو اللى يأكلنا ويطعمنا يعنى نأكل من أيده فقط ومش من أيدين حد تانى , تعالوا نركز
فى هذا التعبير الصعب بنسمع البعض بيقول “فلان ده ولى نعمته” يعنى هو
اللى بيأكله ,لأ أنا مش عايز حد يكون ولى نعمتى غير ربنا ,وأنى لا آكل إلا من
أيدين ربنا ولا أأكل من أيدين أنسان ومحدش يبقى ولى نعمتى ,وحتى لو بأطلب خبز
المعيشة الزمنية فأنا بأطلبه من أيدين الله وليس من أيدين شخص وفى نفس الوقت بأطلب
خبز الحياة الأبدية أو الخبز الحى اللى نازل من السماء اللى ربنا عايز يعطيه لى
علشان أستطيع أن أعيش فى الأبدية , كلمة الجوهرى فى الترجمة الأنجليزية كلمة
Essential التى تعنى الضرورى أو What is necessary for Existance  أو الضرورى
للوجود ,يعنى اللى من غيره الأنسان لا يستطيع أن يكون موجودا وهذا بأطلبه من الله
سواء وجودى فى الزمن أو وجودى فى الأبدية ,والسيد المسيح لما نطقها باللغة
الآرامية نطق كلمة “ماهار”أو باليونانية “أيبى أو سيون” أو
الحاجة الأساسية التى يبنى عليها ,فهنا طلبتنا اللى بنصليها ,لو صلينا خبزنا الذى
للغد أعطنا اليوم أو يعنى خبز الغد يصير لليوم ومش لأننا فجعانين أو عاوزين أكل بكرة
النهاردة ,لكن بمعنى الأبدية تبدأ اليوم ونعيشها النهاردة ,وأن الحياة الأبدية
يارب نختبرها اليوم ونذوق طعمها وفرحتها وراحتها وسرورها وقداستها من اليوم ,وكلمة
اليوم تساوى الحاضر الزمنى وكلمة الغد تعنى ما بعد هذا الحاضر الزمنى ,فأحنا
عايزين الأبدية نعيشها يارب ونتمتع بيها النهاردة ,لأن حاجتنا الأساسية ليست لخبز
معمول من الحنطة ومن القمح فنأكله النهاردة ونموت بكرة ,وهذا بخلاف الشقاء الذى
نعيشه كل يوم هنا على الأرض والموت اللى أحنا بنعيشه كل يوم على الأرض لأن كل يوم
بيمر على الأنسان ,الأنسان بيعيش موته لأن عمره وحياته بتنقص يوم ومش بتزيد يوم
ولكن حاجتنا الأساسية أحنا محتاجين فى خلال هذا العمر اللى موجود على الأرض إلى
خبز حى  نأكله ولا نموت ونحيا حياة لا
يقربها شقاء أو موت أوأحتياجنا هو الحياة الأبدية ,وهذا هو ما نستحضره فى هذا
الزمن أو أختبار الحياة الأبدية التى نستطيع أن نعيشها هنا على الأرض وهذا ما قاله
السيد المسيح قبل كده فى يوحنا 6: 27 27 اِعْمَلُوا لاَ
لِلطَّعَامِ الْبَائِدِ، بَلْ لِلطَّعَامِ الْبَاقِي لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ
الَّذِي يُعْطِيكُمُ ابْنُ الإِنْسَانِ، لأَنَّ هَذَا اللَّهُ الآبُ قَدْ خَتَمَهُ».
والطعام البائد يعنى اللى بيفسد وينتن ,ولذلك خبز الحياة الأبدية فالمسيح يعطينا
الحق أننا نطلبه هنا دلوقتى على الأرض وأحنا عايشين اليوم ,علشان خبز الحياة
الأبدية يقتحم يومنا ويقتحم موتنا اللى أحنا بنعيشه فيحول اليوم من يوم من أيام
الزمن إلى يوم من أيام الأبدية أو إلى يوم من أيام الخلود وعلشان كده بنصلى
بأستمرار فى كل يوم وفى كل ساعة صلاة أبانا الذى … علشان نقدس الزمن ونحوله إلى
الأبدية وإلى الخلود , الحقيقة أن صلاة أبانا الذى… مفتاح سرى بنغير بيها واقعنا
كله وبننقله من الزمن ومن المحدود إلى الخلود واللا محدود ,فبعد ما طلبنا الثلاث
طلبات الخاصة لله فنستطيع أننا نطلب حاجتنا التى تخصنا من الله بعد أن نكون ملئنا
تفكيرنا وملئنا حياتنا وأرادتنا بما يخص الله حينئذ نستطيع أن نقترب صح لنطلب ما
يخص حاجتنا نحن من الله وعلشان كده لما قال السيد المسيح فى متى 6: 31- 34 31فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ ؟ أَوْ مَاذَا
نَشْرَبُ ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ 32فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا
الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى
هَذِهِ كُلِّهَا. 33لَكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللَّهِ وَبِرَّهُ،
وَهَذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ. 34فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ
يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ. لأنك مش حاتقدر
تطلب ما يخصك وما يخص حياتك الأرضية صح إلا أذا كان فكر الملكوت ملأ حياتك وكان
طلبك فى الأول ,ولما يملأ فكر الملكوت وما يخص الله حياتك حينئذ تستطيع أن تطلب ما
يخصك وتطلبه بصورة سليمة وبصورة صحيحة ولا تستطيع أن تطلب حاجة تعطل ملكوت الله أو
تضيعك أنت من هذا الملكوت , ما أشبه الصلاة الربانية بسلم يعقوب
 تقوم على الأرض وتتصل رأسها بالسماء ,ففى الصلاة
الربانية نجد على رأس السلم الآب السماوى (أبانا الذى فى السموات), وعلى درجات
السلم من أعلى نجد أسمه يتقدس وملكوته يأتى ومشيئته تنفذ ,أما على درجات السلم من
أسفل فنجد حاجة البشر من خبز وغفران خطايا,وحفظ من التجربة ومن الشرير,ونحن الآن
نقف على درجة من درجات لنطلب الطلبة الرابعة (خبزنا كفافنا أعطنا اليوم) ,طيب
تعالوا نشوف معانى هذه الطلبة.

(1)   المعانى اللى بتتضمنها هذه الطلبة :-

“خبزنا” وواضح هنا أن الخبز ليس بعيدا عن المعرفة
فهو الطعام الذى لا تخلوا الموائد منه صباحا وظهرا ومساءا ومثل هذا الخبز نحن فى
حاجة أليه ,ونطلبه من الذى يعطى بسخاء ولا يعيد,غير أننا عندما نقول خبزنا قد نعنى
ما هو أكثر من الخبز المادى وقد نعنى جميع ضروريات الحياة من أكل وشرب ولباس
ومسكن.

“خبزنا كفافنا” تشير إلى خبز الكفاف أو ما يكفى فى غير تذمر
,أن الطلبة هنا تصبح كطلبة أجوركما فى الأمثال 30: 8- 9  8أَبْعِدْ عَنِّي
الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ. لاَ تُعْطِنِي فَقْراً وَلاَ غِنىً. أَطْعِمْنِي خُبْزَ
فَرِيضَتِي 9لِئَلاَّ أَشْبَعَ وَأَكْفُرَ وَأَقُولَ: «مَنْ هُوَ الرَّبُّ؟» أَوْ
لِئَلاَّ أَفْتَقِرَ وَأَسْرِقَ وَأَتَّخِذَ اسْمَ إِلَهِي بَاطِلاً.,فخبزنا
كفافنا قد تعنى أيضا خبزنا اليومى كما هى فى الترجمات الأنجليزية بأعتبار أن الخبز
عطية يومية مستمرة من قبل الآب السماوى وفى بعض الترجمات وضعت كلمة الغد بدلا من
كفافنا ,أى خبز الغد أعطنا اليوم ,ويذهب المفسرون فى توضيح هذا إلى رأيين:الرأى
الأول خبز الغد – أى خبز الملكوت أعطنا أى قرب يا رب يوم الملكوت الذى فيه نتمتع
بخبز السماء وفى هذا الرأى أتفاق مع الطلبة “ليأت ملكوتك” ,والرأى
الثانى يشير إلى أن هذه الطبة ضمن الصلاة الربانية كانت ترفع إلى الآب السماوى فى
المساء والغد وفيها يجب أن يفهم على حد تعبير العبرانيين كالقول كما فى مزمور 90:
14  14أَشْبِعْنَا بِالْغَدَاةِ مِنْ رَحْمَتِكَ فَنَبْتَهِجَ وَنَفْرَحَ كُلَّ أَيَّامِنَا.فهى
طلبة مسائية ولا يتعدى الأنسان فيها فى مطلبه يوما كاملا وذلك حتى يتناسب المعنى
وفى غير تناقض مع قول السيد المسيح 34فَلاَ تَهْتَمُّوا لِلْغَدِ، لأَنَّ الْغَدَ يَهْتَمُّ بِمَا لِنَفْسِهِ. يَكْفِي الْيَوْمَ شَرُّهُ.
, وتستخدم ترجمة أخر لاتينية لفظا
بدلا من كفافنا يعنى خبزا غير عادى وهذا المعنى ينقل
كلمة الخبز إلى دائرة روحية , ويقصد به الجسد الإلهى .

“أعطنا” وهى كلمة واضحة المعنى ,ولكننا نرى فيها أن
الله هو مصدر العطاء, كما أننا لا يمكننا أن نستغنى عنه بل نحس بحاجتنا إليه فنأتى
أليه قائلين “أعطنا”.

“اليوم” أن ما نطلبه لا يتعدى اليوم ,وأننا هنا نبدأ
بأول طلبة وقتية ومن قبل كانت طلباتنا أبدية ,فتقديس أسم الله أبدى هنا وبعد وإلى
ما لا نهاية ,عندما نطلب إتيان الملكوت فأننا نطلب ملكوتا أبديا لا يزول وعندما
نصلى لتكن مشيئتك فنصلى ونحن واثقون من دوام تلك المشيئة ,وأما فى طلبنا الخبز فإن
مثلنا كمثل بنى أسرائيل وهم فى البرية سائرين إلى أرض كنعان وأعطاهم الله المن من
السماء وقتيا حتى أذا ما دخلوا أرض الموعد إمتنع عنهم نزول المن ونحن نطلب الخبز
ونأكل خبز الحياة “جسد السيد المسيح” هنا وقتيا حتى ندخل كنعان السماء ,
وكلمة اليوم تفيد التجديد فى العطية وأننا نطلب خبز اليوم جديدا فى كل صباح ونطلب
خبز كل يوم بيومه فيأتينا جديدا مع أعلان حاجتنا كل يوم له ,وهذا يذهب بنا إلى
التعاليم من هذه الطلبة (2) ما وراء الطلبة من تعاليم:-

أن كلمة
“خبز” فى النطق بها توجه أفكارنا إلى ذلك المبدأ الذى وضعه الله لآدم
ولبنى جنسه فى التكوين 3: 19 19بِعَرَقِ وَجْهِكَ
تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا.
لأَنَّكَ تُرَابٌ وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ». وهو المبدأ الذى يفرق بين
الخبز الشريف وخبز الكسل يعنى يجب علينا أن نعمل ونجتهد من غير تكاسل لأن من لا
يشتغل لا يأكل , كلمة “خبز” تذكرنا بكلمة الله التى بها نحيا كقول
المسيح فى متى 4: 4 4فَأَجَابَ وَقَالَ: «مَكْتُوبٌ:
لَيْسَ بِالْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ
مِنْ فَمِ اللَّهِ». وهى أيضا ترفع تأملاتنا إلى جسد المسيح المكسور كما فى
كورونثوس الأولى 11: 26  26فَإِنَّكُمْ كُلَّمَا أَكَلْتُمْ هَذَا الْخُبْزَ
وَشَرِبْتُمْ هَذِهِ الْكَأْسَ تُخْبِرُونَ بِمَوْتِ الرَّبِّ إِلَى أَنْ يَجِيءَ.
,وكلمة “خبز” ترفع أيضا أنظارنا إلى شخص الرب يسوع الذى هو الخبز
النازل من السماء والواهب حياة العالم ,ولو أضفنا “نا” إلى كلمة خبز
تعطينا تعاليم سامية فى قتل الأنانية والحسد كما فى إيجاد المحبة للغير ومحبة
الغير لنا ,فنفول خبزنا وليس خبزى ونتذكر ما قاله الغنى الغبى الذى ذكر نفسه من
دون الله والناس فى لوقا 12: 19 19وَأَقُولُ لِنَفْسِي:
يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ، مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ.
اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي!فأن أنانية هذا الغنى أسمعته
صوت الله ودينونته فى الآية 20 20فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا
غَبِيُّ! هَذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ، فَهَذِهِ الَّتِي
أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟ 
,فشكرا لله على هذا التعبير “خبزنا” الذى يشعرنا بوجود أخوة لنا
كثيرين ,و”خبزنا” تعبير يقضى على الحسد فينا ,فأن المرء بقوله
“خبزنا” لا يطلب إلا نصيبه, وكثيرين يطلبون أنصبة الغير و يحسدون الغير
على ما هم فيه ويتمنون أن يكون عندهم ما عند الغير ويودون لأنفسهم التمتع ولغيرهم
الحرمان ,وهنا يتدرب الأنسان على عدم الطمع والحسد ,إننا نطلب خبزنا يا رب وليس
خبز الغير ,نصيبنا وليس نصيب الغير , وكما أن “خبزنا” تعبير جميل يبعث
فى النفس حبا للغير وحب الغير لينا ,فأن الآخرين إذ يقولون خبزنا نحس أنهم يصلون
من أجلنا أيضا فكما نوجه أفكارنا فى القول خبزنا إلى الآخرين كذلك أيضا توجه أفكار
الآخرين إلينا .

أما التعاليم
التى نراها وراء التعبير “كفافنا” فهى القناعة فى غير تكاسل والأهتمام
فى غير هموم والحياة فى غير تقتير ولا تبذير والشكر فى غير تذمر ,والحقيقة ما أجمل
النفس القانعة وليس المقصود بالقناعة أن لا يكون الأنسان طموحا أو يكون كسولا ,فأن
الذين يتكاسلون يخطئون لأنه لا يمكن أن يجلس أحد فى بيته قائلا خبزنا كفافنا
,قانعا يقبل يده وش وظهر ثم يجد الطعام ساقطا عليه من السماء ! نعم أن الله يعطى
العصافير كفايتها ولكن على العصافير أيضا أن تطير باحثة عن مكان الطعام, وما أجمل
الأهتما فى غير هموم فأن طلبنا خبز اليوم وخبز الكفاف إكتساح للهموم التى تأتى
بسبب التفكير فى الغد وما تحمله إياه من خيالات وأوهام ولكن الهموم شىء والأهتمام
شىء آخر ,فما كان الغنى الغبى مخطئا حين قال أهدم مخازنى وأبنى أعظم ,ولكن خطأه
جاء إذ فكر فى نفسه فقط وفى حياته التى أمنها بأمواله , الحقيقة إن قولنا خبزنا
كفافنا لا يمنعنا من الأهتمام كما تفعل النملة فى الصيف أذ تجمع طعام الشتاء ,
وهنا نقول ما أجمل الحياة بدون تقتير ولا تبذير  فنحن لا نصلى خبزنا كفافنا أعطنا اليوم لكى نقول
أصرف ما فى الجيب يأتيك ما فى الغيب وهكذا يبذر الأنسان فى كل ما يصل إلى يده ,بل
ولا نقصد أيضا أن نغل أيدينا إلى أعناقنا فنقتر على أنفسنا ما دام لنا خبز الكفاف
,ولكن المقصود هو أن نحيا واثقين أن الذى أعطانا سوف لا يمنع عنا ما دمنا بحكمة
نتصرف ولا نعرف التبذير ولا التقتير ,وما أجمل الشكر فى غير تذمر وما أجمل أن نصعد
من قلوبنا شكرا خالصا إذ يعطينا الله خبز كل يوم بيومه وأن بنى أسرائيل تبطروا على
نعمة الله وقالوا سفر العدد 21: 5  5وَتَكَلمَ الشَّعْبُ عَلى اللهِ وَعَلى مُوسَى قَائِلِينَ:
«لِمَاذَا أَصْعَدْتُمَانَا مِنْ مِصْرَ لِنَمُوتَ فِي البَرِّيَّةِ! لأَنَّهُ لا
خُبْزَ وَلا مَاءَ وَقَدْ كَرِهَتْ أَنْفُسُنَا الطَّعَامَ السَّخِيفَ».فأرسل
الله عليهم الحيات المحرقة لتلدغهم للموت ,فلنكن شاكرين وغير متذمرين طالبين
“خبزنا كفافنا” .

أما التعاليم
التى نراها وراء التعبير “أعطنا” فالحقيقة توجه هذه الكلمة أفكارنا إلى
الله مصدر الهبات كما توجه أفكارنا إلى الوسيلة التى ننال بها هذه الهبات ,وإلى
الثقة والأيمان فى مانح العطايا ,فالله هو مصدر كل عطية صالحة وكل موهبة تامة ونحن
نطلب منه أن يعطينا الخبز , وف طلبتنا هذه كأننا نطلب عن طريق غير مباشر القوة من
عنده لكى نعمل وكأننا نصلى من أجل سواعدنا وأقدامنا وعقولنا ,ونقول يارب أن أيدينا
تشتغل لجلب الخبز فأعطنا السواعد القوية وأعطنا الأقدام القوية وأعطنا العقول
الحكيمة ,وكما أننا بهذه الطلبة نلتمس من الله عن طريق غير مباشر أن يعطينا العمل
وحسنا قال أحد المسيحيين “نحن نرفع أيدينا الفارغة نحو السماء والله يملؤها
بالعمل” ,والحقيقة أن الوسيلة التى ننال بها الهبات هى الصلاة وأن نعلن لله
عن أحتياجتنا ونقول أعطنا يا أبانا فكل حاجتنا أليك وكل أعوازنا لديك وكل
أتكالاتنا عليك ,والحقيقة هذا هو ما أوضحه لنا الرب يسوع فى قوله فى متى 7: 7-8  7  «اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا
يُفْتَحْ لَكُمْ.8لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ،
وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ,فكلمة “أعطنا”طلبة لا تصلح لو قلتها
بغير ثقة ,وأننا نطلب من أبينا السماوى وهو وحده يستطيع أن يمنحنا بغنى ولذلك نقول
أبانا أعطنا لأنه ما لم تعطنا أنت فسوف لا يكون لنا ,وما يحزننى أن مرات كثيرة
ينسب الأنسان العطايا إلى الحظ وإلى عوامل أخرى ,أما الله فإنه يهتم بنا ويعطينا
كما يعطى العصافير والزهور وبل يهتم بنا أكثر منها كما فى متى 6: 26 اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لاَ تَزْرَعُ
وَلاَ تَحْصُدُ وَلاَ تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ،وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا؟
فلتعظم ثقتنا بالله لقد كسانا فى الماضى وأطعمنا لسنوات عديدة وبطرق عجيبة
…فلا نشك.

 أما التعاليم التى نراها وراء التعبير
“اليوم” فأن كانت هذه الكلمة فى هذه الطلبة تشعرنا بوقتيتها أو بأنها
طلبة مؤقتة فيجب علينا أن نستعد فنحن نطلب أعطنا اليوم ولسنا ندرى هل سيصبح علينا
يوم جديد ,أذا فيجب أن نستعد وإلا نكون مناقضين لأنفسنا وقد سبق لنا أن صلينا
“ليأت ملكوتك” أذا فلنستعد لمجىء الملكوت ,وكلمة “اليوم ”
تفيد التجديد ,عطية جديدة كل يوم ,وخبزا جديدا يبعث فينا شكرا جديدا متجددا فى كل
يوم من أيام حياتنا ,وكما تشرق أشعة الشمس فى الصباح من جديد على الزهور فتحييها
,وعلى الطيور فتبعث فيها التغريد وكذلك لتنتعش أنفسنا ولترنم شكرا لله على عطاياه
المتجددة فى كل يوم .

وأخيرا
“خبزنا كفافنا أعطنا اليوم” تقع هذه الطلبة بين طلبات تتعلق بالسماء
وطلبات تختص بالبشر وهم على الأرض,فأننا نطلب قبلها قداسة أسم الله وإتيان ملكوته
وتنفيذ مشيئته ونطلب بعدها غفرانا لخطايانا ونجاة من التجربة والشرير ,فهى طلبة
تقع عما قبلها وما بعدها كفترة أستراحة لكل مسافر من هذه الأرض إلى السماء ,حيث
يمكنه أن يتناول خبزا يتقوى به لإحتمال مشاق تلك السفرة وهو يسير فى برية هذا
الوجود ,وكما كان أيليا هارب من وجه إيزابيل جاءه الملاك برغيف خبز وقال له فى
الملوك الأول 19: 7- 8 7ثُمَّ عَادَ مَلاَكُ الرَّبِّ
ثَانِيَةً فَمَسَّهُ وَقَالَ: «قُمْ وَكُلْ لأَنَّ الْمَسَافَةَ كَثِيرَةٌ
عَلَيْكَ». 8فَقَامَ وَأَكَلَ وَشَرِبَ، وَسَارَ بِقُوَّةِ تِلْكَ الأَكْلَةِ
أَرْبَعِينَ نَهَاراً وَأَرْبَعِينَ لَيْلَةً إِلَى جَبَلِ اللَّهِ حُورِيبَ،
فلنأكل خبزا فى ملكوت الله حتى نصل لنهاية رحلتنا ونكون مع المسيح فى المجد ,وأيضا
تقع الطلبة الرابعة بين طلبات تمثل القديسين وطلبات تمثل الخطاة ,فطلبات القديسين
تقديس أسم الله وإتيان ملكوته وإتمام مشيئته ,بينما طلبات الخطاة غفران ذنوبهم ,
وفى طلبتنا نستطيع أن نرى مركز الخبز المادى من القديسين والخطاة ,فأنه بالنسبة
للخطاة يقع منهم عند رؤوسهم وبتعبير آخر أن الخبز المادى آخر ما يطلبه القديسين
وأول شىء يطلبه الخطاة ولذلك يجب علينا نحن أن نطلب أولا ملكوت الله وبره وهذه
كلها (الخبز وضروريات الحياة) تزاد لنا وعندها نطلب وَاغْفِرْ لنَا ذُنُوبَنَا كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ أَيْضاً لِلْمُذْنِبِينَ إِلَيْنَا.
 

والى اللقاء مع الجزء السابع راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم
العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين.

أخوكم  +++ فكرى جرجس

تأملات وقراءات فى الصلاة الربانية الجزء الخامس

26 أكتوبر 2011


تأملات وقراءات فى الصلاة الربانية

                                                                    متى 6: 9- 13  , لوقا 11: 2 – 4

                                                                                الجزء الخامس

مقدمة

(ليتقدس أسمك. ليأت ملكوتك. لتكن مشيئتك) ,طلبات ثلاث ,بداية ووسط وخاتمة ,فقداسة الأسم تؤدى
إلى أتيان الملكوت وإتيان الملكوت ينتهى إلى تنفيذ مشيئة الله ,هى طلبات ثلاثة وما
أشبهها فى الشجرة الواحدة بالجذر والجذع والثمر ,فنحن نغرس أصول شجرة تمجيد الله
فى قداسة أسمه وقداسة الأسم تهىء جذعا قويا لملكوت عظيم وهذا الملكوت نضوجه يبرز
أشهى الثمر فى تنفيذ مشيئة الله ,فبالطلبة الأولى (ليتقدس أسمك) نجعل أسمه فى قلوب
الناس ,ونشارك الملائكة النشيد كما فى أشعياء 6: 3 3وَهَذَا
نَادَى ذَاكَ: «قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ
كُلِّ الأَرْضِ». وفى الطلبة الثانية (ليأت ملكوتك) نجعل عرشه فى قلوب
الناس ونشارك أرواح الشهداء الذين يستنجدون بقوة المسيح فى ملكه كما فى سفر الرؤيا
6: 9- 10 9وَلَمَّا فَتَحَ الْخَتْمَ الْخَامِسَ،
رَأَيْتُ تَحْتَ الْمَذْبَحِ نُفُوسَ الَّذِينَ قُتِلُوا مِنْ أَجْلِ كَلِمَةِ
اللهِ وَمِنْ أَجْلِ الشَّهَادَةِ الَّتِي كَانَتْ عِنْدَهُمْ، 10وَصَرَخُوا
بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «حَتَّى مَتَى أَيُّهَا السَّيِّدُ الْقُدُّوسُ
وَالْحَقُّ، لاَ تَقْضِي وَتَنْتَقِمُ لِدِمَائِنَا مِنَ السَّاكِنِينَ عَلَى
الأَرْضِ؟» وفى الطلبة الثالثة (لتكن مشيئتك) تجعل سلطانه فى مشاعر الناس
ونشارك المسيحيين بالحقيقةفى الطاعة والتسليم لمشيئة الله قائلين كما فى صموئيل
الأول 3: 18 18فَأَخْبَرَهُ صَمُوئِيلُ بِجَمِيعِ
الْكَلاَمِ وَلَمْ يُخْفِ عَنْهُ. فَقَالَ: «هُوَ الرَّبُّ. مَا يَحْسُنُ فِي
عَيْنَيْهِ يَعْمَلُ».

الطلبة الثالثه ( لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذلِكَ عَلَى الأَرْضِ.)

(لتكن مشيئتك) ماهو المقصود
بالكلمة لتكن؟ وهل مشيئة الله ليس لها وجود,ونحن نريد أن تكون له مشيئة؟ أم أن لله
مشيئة ونحن نريدها أن تتم؟وأن أتمام مشيئة الله هو المقصود ,طيب (مشيئتك) أية
مشيئة ؟ مشيئة الله . طيب توجد مشيئتى أنا ومشيئة الشيطان ومشيئة العالم .. ولكن
ليس لأجل هذه نصلى  ونحن نطلب تنفيذ مشيئة
الله ,فمشيئتى أنا معوجة فى أكثر الأحيان إن لم يكن فى كل الأوقات ,ولكن مشيئة
الله فمستقيمة ,والخطأ فينا أننا نريد أن تخضع مشيئة الله لمشيئتنا وأرادة الله
لأرادتنا ,ولكن لتكن مشيئتك نعم يارب لتكن مشيئتك هى النافذة وأجعانا نتمم هذه
المشيئة بإخضاع أرادتنا لها , طيب ومشيئة الشيطان ماذا عنها؟ هى طبعا ضد مشيئة
الله فهو يسعى دائما لتنفيذ مشيئته لإسقاط الجنس البشرى كما سقط هو نتيجة عدم
خضوعه وعدم طاعته ,فلننظر كيف سعى إلى أبوينا الأولين لكى لا يعملا مشيئة الله
وكيف أسقطهما بكسر الوصية والأكل من الشجرة المنهى عنها ويقول المسيح لليهود فى
يوحنا 8: 44- 45
44أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ،
وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً
لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ
حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لأَنَّهُ
كَذَّابٌ وَأَبُو الْكَذَّابِ.45وَأَمَّا أَنَا فَلأَنِّي أَقُولُ الْحَقَّ
لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِي.
فيارب أحفظنا من مشورة أبليس لكى ننفذ مشيئتك
وحدك , طيب وماذا عن مشيئة العالم ؟ هى جذابة وخلابة وتريد أن تجذبنا إلى ما فى
العالم من فتنة ولكن الكتاب يحذرنا قائلا فى الرسالة الأولى ليوحنا 2: 15- 17
15لاَ تُحِبُّوا الْعَالَمَ وَلاَ
الأَشْيَاءَ الَّتِي فِي الْعَالَمِ. إِنْ أَحَبَّ أَحَدٌ الْعَالَمَ فَلَيْسَتْ
فِيهِ مَحَبَّةُ الآبِ. 16لأَنَّ كُلَّ مَا فِي الْعَالَمِ شَهْوَةَ الْجَسَدِ،
وَشَهْوَةَ الْعُيُونِ، وَتَعَظُّمَ الْمَعِيشَةِ، لَيْسَ مِنَ الآبِ بَلْ مِنَ
الْعَالَمِ. 17وَالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ
اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَد
.

 (لتكن مشيئتك) نعم مشيئة الله هى أفضل مشيئة فهو
أب يحبنا ويريد لنا الخير وقد تركنا أحرارا نختار لأنفسنا ما نريد ولذا نحن نصلى
حتى تنفذ مشيئته فقط لا سواه,لتكن مشيئتك هى طلبة نرفعها بروح الشكر والتسليم
والطاعة لنفعل ما فعله أيوب عندما جائته أخبار محزنة عن أبنائه وبناته وما يمتلك
من بقر وأتن وغنم وجمال وغلمان وكانت الخسارة فادحة فى فقدان هذه جميعها ولكنه
أستسلم لمشيئة الله شاكرا وما أجمل ما نطقت به شفتاه وقال أيوب 1: 21 21وَقَالَ: «عُرْيَاناً خَرَجْتُ مِنْ بَطْنِ أُمِّي وَعُرْيَاناً
أَعُودُ إِلَى هُنَاكَ. الرَّبُّ أَعْطَى وَالرَّبُّ أَخَذَ فَلْيَكُنِ اسْمُ
الرَّبِّ مُبَارَكاً». وأيضا بروح التسليم أعلن عالى الكاهن إرتياحه لتنفيذ
مشيئة الله يوم نادى الرب صموئيل مرات متتابعة ليعلن له قصده فى عالى وخاف صموئيل
أن يخبر عالى بالرؤيا لأنها كانت قضاء على بيت عالى وإعلانا لغضب الله عليه بسبب
فساد بنيه ولكن عالى أستدعى صموئيل وشجعه لكى ينبئه بكل ما كلمه الرب ,فلما أخبره
صموئيل بجميع الكلام قال فى صموئيل الأول 3: 18 18فَأَخْبَرَهُ
صَمُوئِيلُ بِجَمِيعِ الْكَلاَمِ وَلَمْ يُخْفِ عَنْهُ. فَقَالَ: «هُوَ الرَّبُّ.
مَا يَحْسُنُ فِي عَيْنَيْهِ يَعْمَلُ». فهل بهذه الروح الخاضعة نقدم هذه
الطلبة ؟,وبروح الطاعة ايضا نفذ بولس الرسول مشيئة الله فلما اراد ان يتكلم
بالكلمة فى بيثينية ولما لم يدعه الروح اذعن مطيعا,ولما أعلنت له الرؤيا فى ترواس
أن يعبر إلى مكدونية خضع لمشيئة الله بالرغم من صعوبة السفر ووعورة المكان الذى
سيذهب إليه ولا يعرف فيه أحدا,وهل ننسى خضوعه لمشيئة الله يوم عاه الرب يسوع
ليخدمه وهو فى الطريق إلى دمشق؟ لنسمعه وهو يعلن خضوعه التام أمام الملك أغريباس
فى أعمال الرسل 26: 19 19«مِنْ ثَمَّ أَيُّهَا الْمَلِكُ
أَغْرِيبَاسُ لَمْ أَكُنْ مُعَانِداً لِلرُّؤْيَا السَّمَاوِيَّةِ وبهذه
الروح لنخضع لمشيئة الله قائلين “لتكن مشيئتك” ولنرفع نظرنا الآن إلى
رئيس إيماننا لنتعلم منه فقد كان بروح الشكر يتمم مشيئة الآب كما فى المزمور 40: 8
8أَنْ أَفْعَلَ مَشِيئَتَكَ يَا إِلَهِي سُرِرْتُ. وَشَرِيعَتُكَ فِي وَسَطِ أَحْشَائِي».لقد فضل خلاص البشرية على الطعام
الجسدى ليتمم مشيئة الآب كما فى يوحنا 4: 34 34قَالَ
لَهُمْ يَسُوعُ: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي
وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ.وأيضا بروح التسليم نفذ مشيئة الآب وعند تتبعنا
لجهاده فى جثيمانى وصلاته كما فى متى 26: 38- 44
38فَقَالَ لَهُمْ: «نَفْسِي حَزِينَةٌ جِدّاً حَتَّى الْمَوْتِ. امْكُثُوا هَهُنَا
وَاسْهَرُوا مَعِي». 39ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ،وَكَانَ
يُصَلِّي قَائِلاً: «يَا أَبَتَاهُ،إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ
الْكَأْسُ،وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ».
40ثُمَّ جَاءَ إِلَى التَّلاَمِيذِ فَوَجَدَهُمْ نِيَاماً،فَقَالَ لِبُطْرُسَ:
«أَهَكَذَا مَا قَدَرْتُمْ أَنْ تَسْهَرُوا مَعِي سَاعَةً وَاحِدَةً؟ 41اِسْهَرُوا
وَصَلُّوا لِئَلَّا تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ
وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ». 42فَمَضَى أَيْضاً ثَانِيَةً وَصَلَّى قَائِلاً:
«يَا أَبَتَاهُ إِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَنْ تَعْبُرَ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ إِلاَّ
أَنْ أَشْرَبَهَا،فَلْتَكُنْ مَشِيئَتُكَ». 43ثُمَّ جَاءَ فَوَجَدَهُمْ أَيْضاً
نِيَاماً،إِذْ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ ثَقِيلَةً. 44فَتَرَكَهُمْ وَمَضَى أَيْضاً
وَصَلَّى ثَالِثَةً قَائِلاً ذَلِكَ الْكَلاَمَ بِعَيْنِهِ.هذه هى صلاة
المسيح فى جثيمانى نرى فيها التسليم التام لمشيئة الآب بل أيضا بروح الطاعة تقدم
يسوع المسيح إلى الموت كما فى رسالة بولس الى أهل فيليبى 2: 7- 8 7لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً
فِي شِبْهِ النَّاسِ.8وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَانٍ، وَضَعَ نَفْسَهُ
وَأَطَاعَ حَتَّى الْمَوْتَ مَوْتَ الصَّلِيبِ.لقد ترك لنا مثالا فى الخضوع
للآب فلنستمع لقول بولس الرسول فى الرسالة للعبرانيين 12: 2 2نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ،
الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ
مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ الله.فهل نقتدى
بالمسيح؟وبروح الشكر والتسليم والطاعة فى كل الظروف هل نقول “لتكن
مشيئتك”؟ طيب أيه البركات التى ننالها من هذه الطلبة؟ الحقيقة لقد لخصتهم فى
خمسة بركات ننالها من هذه الطلبة “لتكن مشيئتك”: أولا- بركة التقرب
من المسيح .
نتذكر جائت أمه وأخوته طالبين أن يكلموه فأعلن فى لغة واضحة أهمية
تنفيذ مشيئة الله وما يترتب على هذا التنفيذ من بركة كما فى متى 12: 50 50لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي
السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي».ثانيا- بركة رضاء الآب
وسماعه لنا عندما ندعوه.
ولنستمع لدفاع الرجل المولود أعمى بعد أن فتح الرب
يسوع عينيه وهو يعلم معلميه من الفريسيين كما فى يوحنا 9: 31 31وَنَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْمَعُ لِلْخُطَاةِ.وَلَكِنْ
إِنْ كَانَ أَحَدٌ يَتَّقِي اللَّهَ وَيَفْعَلُ مَشِيئَتَهُ، فَلِهَذَا يَسْمَعُ.وكذلك
قول القديس يوحنا فى رسالته الأولى 5: 14  14وَهَذِهِ هِيَ الثِّقَةُ الَّتِي لَنَا عِنْدَهُ: أَنَّهُ
إِنْ طَلَبْنَا شَيْئاً حَسَبَ مَشِيئَتِهِ يَسْمَعُ لَنَا. ثالثا- بركة
الأطمئنان بعد الخوف.
لقد كان داود فى فزع عندما كان مطاردا من وجه أبشالوم
أبنه ولكن تسليمه لله وخضوعه لمشيئته بددا خوفه ,نرى أنفسنا نقدر كلماته وهو يقول
بلغة الواثق فى صموئيل الثانى 15: 26 26وَإِنْ قَالَ:
«إِنِّي لَمْ أُسَرَّ بِكَ، فَهَئَنَذَا. فَلْيَفْعَلْ بِي حَسَبَمَا يَحْسُنُ فِي
عَيْنَيْهِ». رابعا- بركة التعزية فى ساعة الحزن. مما لاشك فيه فى
أن كل نفس مجربة حزينة وتنطق بهذه الطلبة من عمق القلب “لتكن مشيئتك”
إلا وهى تتعزى تعزية كاملة وتحس بالسلام والطمأنينة. خامسا- بركة التمتع بملكوت
الله.
وهوذا يسوع المسيح ينادى فى متى 7: 21
21«لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ
السَّمَاوَاتِ. بَلِ الَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.وهذا
قليل عن كثير من البركات التى ننالها من وراء هذه الطلبة “لتكن مشيئتك”
.
 

(كما
فى السماء)
فالسماء هى النموذج والمثال لذلك لا نقول كما على الأرض كذلك فى السماء بل
كما فى السماء كذلك على الأرض,والسموات فى تعريف الكتاب ثلاثة كما فى رسالة بولس
الرسول لكورونثوس الثانية 12: 2 2أَعْرِفُ إِنْسَاناً فِي
الْمَسِيحِ قَبْلَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً. أَفِي الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ،
أَمْ خَارِجَ الْجَسَدِ؟ لَسْتُ أَعْلَمُ. اللهُ يَعْلَمُ. اخْتُطِفَ هَذَا إِلَى
السَّمَاءِ الثَّالِثَة. ففى السماء الأولى أو سماء الغيوم نجد الطير يرتفع
وينخفض ولا يمكن أن يسقط عصفور واحد إلى الأرض إلا بأذن أبينا السماوى فكل ما فى
الجو خاضع لإرادته ومشيئته , وفى السماء الثانية أوسماء النجوم نجد الكواكب
والنجوم ونجد الشمس والقمر وما فى هذا الفلك العظيم من مجرات كلها تسير بنظام
وترتيب خاضعة لمشيئة الله كما فى مزمور 19: 1 1 اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ.وفى
السماء الثالثة أو سماء الحى إلى الأبد الآبدين نجد الملائكة خاضعة لإرادته مسرعة
إلى تنفيذ مشيئته ولها أجنحة لسرعة تنفيذ ما يريد ,وكما فى السماء مشيئة الله على
كل من الطيور والكواكب والملائكة هكذا على الأرض نريدها أن تتم.

(كذلك على الأرض) أى فى كل الخليقة لاسيما فى الأنسان ,بل لاسيما فى أتباع يسوع نريد أن تتم
مشيئة الآب فأعطنا يارب أن ننفذ مشيئتك فينا ,فلقد وهبتنا الأرادة فلا تسمح أن
تكون إرادتنا معاندة لأرادتك ,وحقيقى إن الخلائق التى لا أرادة حرة لها هى تطيعك
ونحن الذين منحتنا الأرادة الحرة ..هل نخافك؟ أرجوك يارب لا تسمح بل أعطنا أن نخضع
إرادتنا لك.(فى السماء كذلك على الأرض) لنطبقها أيضا كما فعل أغسطينوس لا فى
حرفيتها بل فيما يمكن أن تحمله من معنى .  
  هذه الطلبة تختص بأتمام مشيئة الله فى حياة
الأنسان وأذا كان بيربطها كما فى السماء كذلك على الأرض فهو نموذج رائع لأتمام
مشيئة الله العظمى التى هى خلاص الأنسان وكانت مشيئة الله العظمى زى ماكانت فى
السماء وهى أن يموت الأبن ويخلص العالم كله وهذه هى المشيئة التى كانت موجودة فى
السماء وكانت فى ذهن الله منذ الأزل أن الأبن يموت من أجل خلاص العالم وفعلا الأبن
تممها على الأرض كما فى السماء كذلك على الأرض والحاجة اللطيفة اللى نشوفها أن
الثلاث طلبات اللى الأنسان بيطلبهم وخاصين بربنا التى هى تمجيد أسم الله وتقديسه
وأتيان الملكوت وتتميم المشيئة نجد أن المسيح هو الوحيد اللى فعلها فعلا على الأرض
لما جاء فهو الذى قدس أسم الآب بقوله مجدت أسمك على الأرض وهو الذى أعلن الملكوت
وكانت خدمة المسيح كلها عن ملكوت السموات وفى كرازته قال توبوا لأنه أقترب ملكوت
السموات وتكلم عن أمثال الملكوت وصنع معجزات من أجل الملكوت وتكلم فى أحاديث مع
تلاميذه ومع الجموع عن ملكوت السموات , بل أنه حتى فى أرساليته لتلاميذه ,وأعلان
يوحنا له قبل مجيئه ,كان محور الكرازة كلها الملكوت بالنسبة للأنسان ,والمسيح هو
الذى تمم المشيئة ولذلك كان يقول طعامى أن أصنع مشيئة الذى أرسلنى ,وما جئت لأصنع
مشيئتى بل مشيئة الآب الذى أرسلنى ,وهذه هى مشيئة الله اللى كانت موجودة فى السماء
منذ الأزل من قبل خلقة الكون وهى خلاص العالم والتى صارت كذلك على الأرض لما تممها
الأبن فأنشأت الخلاص والغفران والمصالحة والفرح والراحة والسرور والحياه الأبدية
للأنسان ,فهذه هى مشيئة الله ,والمسيح صنع هذه المشيئة وعلينا أننا نثبت فيها
ونعيشها ونتمتع بيها ونخلينا ماسكين فيها على الدوام فنحن لا نستطيع أن نعملها لكن
المسيح هو صنعها وهذا هو معنى الملكوت أن مشيئة الله تكون واضحة جدا فى حياتنا ولها
السيادة الأولى فى حياتنا حيث أن مشيئة الله هى الغفران والمصالحة والفرح والسرور
والراحة والحياة الأبدية ,وأذا كنا بنطلب مشيئة ربنا يجب علينا أننا نكون على وعى
وفهم أننا أذا طلبنا مشيئة الله فى حياتنا وبنلح على عمل مشيئة ربنا فينا أننا
نستمد الحياة من هذه المشيئة من خلال تتميم المسيح لمشيئة الله أو مشييئة الآب حتى
إلى الصليب ,وبنقول حتى إلى الصليب لأنه لو كان فيها ألم لأن الصليب عبارة عن ألم
لكن لابد للأنسان أنه يقبل هذا الألم بفرح لأنه واثق أن هذا الألم يقوده للفرح
والغفران والمصالحة والراحة والسعادة والحياة الأبدية ,وأذا كنا عايزين نثبت فى
مشيئة الله التى يتممها المسيح فى خلالنا ينبغى أيضا أن يكون عندنا أستعداد لقبول
الصليب ,ونأخذ بالنا كويس هناك فرق كبير جدا بين الأستسلام والتسليم لمشيئة الله
,فالأستسلام هو أستسلام المغلوب على أمره فيقول هو أنا يعنى حأقدر أعمل ايه أهو
اللى ربنا عايزه يكون فهذا ليس تسليم ولكن هو مجرد أستسلام نتيجة عجز ,ولكن
التسليم ينبغى أن يكون بفرح وبمنتهى القبول وهذا الفرح والقبول نتيجة ثقتى فى هذه
المشيئة وأن أنا واثق أن هذه المشيئة هى فعلا فيها خلاصى ومصالحتى وفرحى وسعادتى
وحياتى الأبدية وراحتى الحقيقية ,ولذلك مش كل أستسلام الأنسان بيعيشه يقول أن هو
ده بيسلم لمشيئة ربنا ,ويمكن فى ناس كتيرة بتقول أزاى أعرف مشيئة ربنا فى حياتى
وياما صليت وطلبت وقلت لربنا عرفنى مشيئتك وربنا لم يرد عليا ومعرفتش مشيئة الله
لا من قريب ولا من بعيد وربنا مابيردش ,الحقيقة لأ مش لأن ربنا مابيردش أو مش عايز
يعلن مشيئته لأن ربنا بأستمرار بيتكلم لأن هو الكلمة لكن السر هو أنه لا يكفى أن
نسأل عن مشيئة الله ,يعنى مايكفيش أنك تسأل ربنا وتقوله أنت يارب عايز أيه أو
عرفنى مشيئتك لكن ينبغى أن قبل ما أسأل و بعد ما أسأل كمان ينبغى أنى أكون أنا
عايز هذه المشيئة من كل قلبى وليس مجرد أن أنا أسأل لكن لابد أن أكون عاوز هذه
المشيئة وليا أرادة ناحيتها ومش فقط عايز هذه المشيئة بل أيضا لابد أن يكون عندى
أستعداد أن أقبلها بفرح أيا أن كانت حتى من قبل ما أعرفها ,فأذا وجد الله فى
الأنسان أن الأنسان بيسأل و الأنسان عاوز والأنسان قابل فعلا مشيئته من قبل أن
يعرفها بفرح حينئذ يكشف الله للأنسان عن مشيئته ويعرفها له ,ولكن المشكلة أننا لما
نيجى نسأل ربنا ونقول له لتكن مشيئتك لسان حالنا بيكمل العبارة كما قلت مش كما فى
السماء كذلك على الأرض ولكن عايزين نقول له لتكن مشيئتك حسب مشيئتنا يعنى خللى
مشيئتك يارب أنت زى مشيئتى اللى أنا عايزها ,فمشكلة الأنسان اللى بيسأل ويقول مشيئة
ربنا أيه من غير مايكون عاوزها أو يقبلها من قبل ما يعرفها بفرح أنه بيقول لربنا
عرفنى مشيئتك وقول لى علشان لوعجبتنى أوافق عليها ولو ما عجبتنيش لا أوافق عليها
وهذا هو اللى أحنا بنعمله بالضبط مع ربنا ,ورينى مشيئتك وأذا عجبتنى قبلتها ولم
ماعجبتنيش مش حأقبلها ,حذارى أن تفتكر أنك لما بتقول لربنا لتكن مشيئتك أنك بتعطى
تصريح لربنا أنه ينفذ المشيئة وأنك يعنى بتصرح له أنه يعمل اللى هو عايزه ,لكن
ربنا مش محتاج لتصريح منك لكن أنت اللى بتترجاه أنه يتمم هذه المشيئة نتيجة أحساسك
بأبوته وثقتك فى هذه الأبوة ورجائك فى هذه الأبوة وتمتعك بالمحبة الموجودة فى
الأبوة ,فى ناس كتيرة بتقول أحنا مش قادرين نسمع صوت ربنا ولا نعرف مشيئة ربنا
والسبب أنهم بعيدين عن ربنا حتى وأن كانوا بيصلوا! ,فتخيل لو معاك راديو
ترانزيستور ولما بتشغله فى البيت بتلاقيه بيستقبل كل المحطات ولكن خذ هذا الراديو
وسافر بيه لمسافة بعيدة وأبعد بيه عن مجال محطة الأرسال وقوم بتشغيله ستجده لا
يستطيع أن يستقبل أى أرسال بالرغم أن الراديو هو هو ولم يتغير فيه شىء وبالرغم من
أن محطة الأرسال هى هى بنفس أمكانيتها وبنفس أرسالها لكن المشكلة أنك بعدت وعلشان
كدة مفيش لا أستقبال ولا أرسال بيوصل ,وفى أوقات كتيرة جدا بنقول ربنا لا يتكلم
,مش لأنه ما بيتكلمش أو أن الجهاز بتاعنا مش مضبوط وأن ربنا خلقنا غلط لكن لأننا
بعدنا عن دائرة عمل الله ,فهنا رغبة الأنسان فى أنه يعيش مشيئة ربنا فى أنه بيصدق
فى كلام ربنا بالضبط زى لو فى طالبين فى فصل والمدرس بيعطيهم مجموعة من التعليمات
أو الأرشادات أو الوصايا عاشان يساعدهم أزاى يتعلموا وينجحوا ويتفوقوا وبيحثهم
أنهم يبذلوا مجهود ويذاكروا ويلتزموا ,فيلتزم واحد منهم بالأرشادات وبالنصائح
وبيسلم لمشيئة المعلم وبيسمع كلامه ,والطالب الآخر لا يلتزم بهذه المشيئة وبهذه
الأرشادات وبيقول أنا عايز أتمتع وأنا عايز أتبسط ,يعنى واحد بيبذل مجهود ويذاكر
ويتعب والتانى زى مابيقولوا بيدور على حل شعره يعنى يتفسح ويأكل ويشرب ويخرج ويهذر
وغير ملتزم بأى حاجة وهدفه أنه يتمتع ببهجة الحياة ,وتعالوا نشوف حال هذان
الطالبان بعد مرور فترة من الزمن عشرين تلاتين سنه ستجد الطالب اللى تعب وذاكر
وجاهد وألتزم ونفذ مشيئة المعلم هو اللى فرحان ومبسوط ومستريح وأمامه مستقبل باهر
ومتمتع بكل شىء ,بينما الآخر الذى رفض أنه يلتزم بمشيئة المعلم وأرشاداته بدعوى
أنه عايز يعيش بهجة الحياة ستجده بعد تلاتين سنة فقد معنى الحياة كلها تحت الأدمان
أو تحت السكر أو تحت العربدة وتحت عادات وخطايا وتحت أفكار دنسة وتحت حياة بؤس
وأكتئاب وحياة خراب وضياع ومفيش أى نوع من النجاح فى حياته ومفيش أى فرح من حياته
ولذلك أوعى تفتكر أنك لما بتقول لربنا لتكن مشيئتك أنك بتعطيه تصريح لكن هذه هى
رغبتك أن مشيئة ربنا تتم فى حياتك وهى لن تتم فى حياتك إلا بالمسيح اللى ساكن فيك
هو اللى يقدر يتممها ,كما رأينا يوسف الصديق ولولا أنه سلم حياته لمشيئة الله وقال
لأخوته أنتم قصدتم لى شرا ولكن الله قصد به خير لولا أنه أتمتع بالمجد وبالنجاح وعرف
أن مشيئة ربنا بأستمرار هى للخير حتى وأن كان مر فترة كان فيها شايل الصليب ,وشخص
المسيح نفسه وأذا كانت مشيئة الآب هى الصليب فيقول الكأس التى أعطانى الآب ألا
أشربها ,ولكن بالرغم من مرارة الصليب كان أمامه مجد القيامة وفرح الفداء وخلاص
النفس البشرية وكما يكون فى الرسالة للعبرانيين من أجل السرور الموضوع أمامه أحتمل
الصليب مستهينا بالخزى وبالعار ,فمشيئة الله بأستمرار هى الأكثر سعادة وراحة وفرح
بالنسبة للأنسان ولابد للأنسان أن يثق فى هذا ويترجى هذه المشيئة ويطلبها بأستمرار
,فالأنسان الذى يخاف من مشيئة ربنا بالضبط المسيح شبهه فى مثل الوزنات واحد أخذ
عشرة وزنات والتانى أخذ خمسة والتالت أخذ وزنة واحدة اللى شعر أن مشيئة ربنا
بالنسبة له مش حلوة لمجرد أن أعطاله وزنة واحدة يعنى حاجة قليلة وعلشان لم يقدر
حتى أنه يتمتع بالوزنة فراح طمرها فى الطين وشعر أن هذا السيد سيطلب منه أشياء لا
قبل له بها ولا يستطيع أن يعملها وشعر أن مشيئة ربنا دى حاجة صعبة جدا وشعر أنه لن
يستطيع أرضاء هذا السيد ولذلك قال له علمت أنك سيد قاسى تحصد حيث لم تزرع ,فساعات
النسان ينظر لمشيئة ربنا أنها قاسية عليه ,وفى تجربة لطيفة عملها أحد الخدام الذى
قال للمخدومين بتوعه عايز كل واحد منكم يسجل أول حاجة تخطر على باله لما يسمع كلمة
معينة يعنى أول فكرة أو أحساس يجيلك سجله عندما تسمع هذه الكلمة وأعطاهم مثلا كلمة
كريسماس ,وطبيعى أول حاجة تيجى على ذهن الأنسان لما يسمع كلمة كريسماس ,فاللى كتب
بابا نويل واللى كتب هدايا واللى كتب ديك رومى واللى كتب الزينة واللى كتب
الأحتفالات واللى كتب ميلاد السيد المسيح يعنى أول أنطباع بييجى لما تسمع كلمة
معينة فسألهم سؤال وقال لهم ماهو أول أنطباع ييجى لكم لما تسمعوا كلمة أرادة ربنا
أو مشيئة الله ,فالناس اللى شاعرة أن مشيئة ربنا قاسية وصعبة يقولك أه يبقى فى حد
حايموت!أو فى كارثة حاتحصل أو أنى سأصاب بمرض معين أو أن أرادة ربنا تطلب منى
تضحية عظيمة جدا أنى لازم أتخلى عن حاجة معينة ,فاللأسف لأكتر الناس أن أول ما
يخطر فى بالهم أحساسهم عن مشيئة الله هى صورة معتمة ومخيفة الأنسان بيهرب منها
وعايز يطفش من هذه المشيئة وينفر من هذه المشيئة لأن الأنسان للأسف بيشعر أن مشيئة
ربنا بالنسبة له بأستمرار مرة المذاق زى الدواء اللى الأنسان يأخذه ويجده طعمه مر
فيأخذ الدواء وهو متغصب يعنى غصب عنه وهو كاره هذا الموضوع وكأن لسان حالنا أننا
سنكون أسعد حالا وأهنأ حالا لو أننا تجنبنا مشيئة ربنا الصعبة و القاسية دى ,ويمكن
لا نقول أحنا مش عايزنها لكن فى واقع الأمر أحنا بنتهرب منها لأنها بالنسبة لنا
شىء صعب جدا بالرغم أنه بيقول كما فى السماء كذلك على الأرض ,طيب لو ذكرنا كلمة
السماء فما هو أول أنطباع ييجى لنا ,فممكن تقول السما دى يعنى سلام وفرح وراحة
وسرور وصفاء ونقاء ,طيب ماهى دى أرادة ربنا اللى عايز يعملها فى الأرض زى السماء
يعنى أرادة ربنا بالنسبة لك هى سلام وفرح وسرور وراحة وصفاء ,أذا أرادة ربنا
ومشيئة ربنا بأستمرار هى الأكثر سعادة بالنسبة للأنسان ولذلك بنقول له زى ما
أرادتك تامة فى السماء وكل الخليقة السماوية خاضعة ليها أعطينا أيضا أن أرادتك
يارب بتبقى تامة وكاملة فى حياتنا وأحنا خاضعين ليها وقابلينها بفرح وبتسليم
وبتسبيح وبشكر ,أذافهذه الثلاث طلبات بنتطلع بيها ناحية السماء علشان نطلب تقديس
الأسم ومجد الملكوت وصلاح مشيئة ربنا.       

لتكن مشيئتك
كما فى المسيح كذلك على الكنيسة وفى الكهنوت وفى الساسة وجميع الشعب لكى تكون
طاهرة وبلا عيب نعم لتكن مشيئتك كما فى الملائكة كذلك فى البشر ليكونوا قديسين ومطيعين
,لتكن مشيئتك كما فى الروح كذلك فى الجسد حتى لا يشتهى ضد الروح ويقاومه, لتكن
مشيئتك كما فى قديسيك كذلك فى الخطاة لكى يؤمنوا ويخلصوا ,( لتكن مشيئتك كما فى
السماء كذلك على الأرض).

أن الذى يفعل
مشيئة الله هو أشبه بالصخرة القوية فى وسط البحر التى تصدمها الأمواج الشديدة
ولكنها لا تؤثر فيها بل ترتد خاسرة ,تأتى أمواج التجارب والأحزان والهموم والألام
شامخة وقوية لتهدمنا ولكن فى قولنا (لتكن مشيئتك) ننتصر عليها لأن الذى نسلم له أب
قوى قادر أن يسندنا ويحفظنا ويرعانا ويخلصنا ((لتكن مشيئتك كما فى السماء كذلك على
الأرض))

وهذا يقودنا إلى طلباتنا أو الطلبات الأربع الأخيرة التى تختص بنا نحن البشر وطلبتنا هذه هى
الرابعة فى ترتيب الطلبات فى الصلاة الربانية ولكن الأولى فى طلباتنا البشرية وهى (خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا كُلَّ يَوْمٍ،) 

والى اللقاء مع الجزء السادس راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم
العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين.

أخوكم  +++ فكرى جرجس

تأملات وقراءات فى الصلاة الربانية الجزء الثالث

25 أكتوبر 2011

تأملات وقراءات فى الصلاة الربانية

                                                                       متى 6: 9- 13  , لوقا 11: 2- 4    

                                                                                        الجزء الثالث

مقدمة

لقد رأينا عبارة أبانا الذى فى السموات و كم هى عبارة ما ألطفها تنزل
كالندى على كل قلب وعلى كل من ينطق بها ,أن كلمة أبانا تبعث فينا أيضا المحبة
والثقة ,عندما يحيط الخوف بالطفل يهرع إلى أبيه شاعرا أن عنده القوة التى تحمية ,
قوة أكثر مما يملك هو ويجد عنده الأطمئنان ,عندما نقول أبانا
نشعر بالمحبة والثقة ,فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة وعندئذ نجد من الآب السماوى
رحمة ونعمة ,عونا فى حينه, ولنتأمل فى الأبن الضال ,كيف أنه بعض تشرده ,وأنتهاء
الأمر به إلى العيشة بين الخنازير ,أن لفظة أب أحيت فيه ميت الرجاء , وأعطته ثقته
فى نفسه ومحبة لأبيه بالرغم مما صدر منه نحوه فقال فى لوقا 15: 17- 19 
17فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ
وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ
جُوعاً! 18أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي، أَخْطَأْتُ
إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ،19وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ
ابْناً. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ
,وأذا أضفنا إلى كلمة أب ضمير المتكلمين وقلنا أبانا ,نجد
فى هذا التعبير ما يساعدنا على تحطيم الوثنية لأنها تشعرنا بصلتنا بالله ,وأننا قد
صرنا له وليس لآخرين كما يقول ربنا فى كورونثوس الثانية 6: 18
18وَأَكُونَ لَكُمْ أَباً وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي
بَنِينَ وَبَنَاتٍ» يَقُولُ الرَّبُّ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ.
هو
أبونا ونحن أبناؤه . أذا لا مجال لإله سواه عندنا ونقول مع موسى فى سفر الخروج 15:
11 11مَنْ مِثْلُكَ بَيْنَ الآلِهَةِ يَا رَبُّ؟ مَنْ مِثْلُكَ
مُعْتَزّاً فِي الْقَدَاسَةِ مَخُوفاً بِالتَّسَابِيحِ صَانِعاً عَجَائِبَ؟

أبانا لقب يساعدنا على القضاء على الأنانية لأنها
تشعرنا بأن لنا أخوة, لست أقول أبى بل أبانا أقولها ويقولها بلايين غيرى ونحن فى
هذا الآب الواحد الذى نناديه ,نتوحد ونرتبط ببعضنا البعض كأخوة, وحينما أتذكر حديث
ذلك الغنى الغبى إلى نفسه (أستريحى وكلى وأشربى وأفرحى) أشعر بمقدار المأساة لأنه
شعر أنه الوحيد الذى يحق له أن يتنعم دون سواه ,عاش لنفسه دون أن يشعر أن هناك
أخوة له يجب أن يشاركوه ما يتنعم به فجاءه صوت ربنا ( يا غبى هذه الليله تطلب نفسك
منك,فهذه التى أعددتها لمن تكون), أن الأنانية لا تجلب سوى الموت أما الشركة فأنها
تجلب البركة مضاعفة ,فعندما أصلى من أجل نفسى فقط كأن واحد فقط صلى من أجلى
,وعندما أصلى من أجل الآخرين ويصلى الآخرين من أجلى أحس أن صلوات كثيرة ترفع من
أجلى للآب السماوى ,ويتعدى أحساسى إلى أكثر من ذلك أن أشعر أن كثيرين يصلون لأجل
بعضهم وبذلك تتضاعف علينا البركات والخيرات.

أبانا كلمة تساعدنا على تغيير الطباع الردية فينا
عندما نصل أنفسنا بالآب وذلك بالضمير “نا” نحتاج أن نكون مثله ,فهو قد
خلقنا على صورته الأدبية الكاملة ونحن شوهنا تلك الصورة بالخطية , فلكى يكون أبانا ونكون نحن أبناء له يجب علينا أن نحتفظ بصورته
ويجب أن نشبه الآب ونتشبه به فى البر والمعرفة وقداسة الحق أليس يسوع المسيح وهو
الأبن هو صورة الله غير المنظور؟ أليس الأبن يشابه الآب؟ فأن ناديناه أبانا
وأخترناه أبا لنا وأحببنا أن نكون له ابناء يجب أن نتمثل بيسوع المسيح الأبن ونفعل
مشيئة الآب ونحفظ وصاياه ونتممها.

والعجيب أننا
لو دققنا فى الصلاة الربانية التى تنقسم ألى سبعة طلبات التى تنقسم بدورها إلى قسمين 1- الثلاث طلبات الأولى تختص
بالله وهى “ليتقدس أسمك – ليأتى ملكوتك – لتكن مشيئتك” وهى طلبات روحية
خاصة بالله 2- الطلبات الأربع الأخيرة تختص بنا نحن البشر وهى أحتياجاتنا كأنسان
وهى ” خبزنا….. أعطنا – وأغفر لنا ذنوبنا …. كما نغفر – ولا تدخلنا فى
تجربة – ولكن نجنا من الشرير”. وقد رأينا أن الأنسان بيضع كيانه كله فى يد
ربنا (ماضيه وحاضره ومستقبله) فهو يضع الحاضر خبزنا بتاع اليوم أو القوت اليومى
يضعه فى يد ربنا ,والماضى أغفر لينا ذنوبنا اللى عملناها قبل كده وبنضعه أيضا فى
يد ربنا ,والمستقبل ماتدخلناش فى تجربة ونجينا من الشرير ,وأيضا بنضعه فى يد ربنا
,فالأنسان فى أبعاده ,ماضيه وحاضره ومستقبله فى الصلاة الربانية بيضعها بين يد
الله ,ونشوف أن حاجة عجيبة جدا أن المسيح لما نطق بهذه الصلاة قد نطقها فى نفسه
ولم يصليها بالكلام بل صللاها فى حياته يعنى أن هذه السبع طلبات قد عملهم لنا
المسيح ,وأن كل كلمة من أبانا الذى…. كانت فى حياة المسيح على الأرض , أليس هو
الذى نقول له أبانا الذى فى السموات طبعا ما هو الأبن الوحيد الذى فى حضن الآب هو
خبر ,يعنى نزل لينا من السماء وأخبرنا عنه وهو الذى أتى من حضن الآب وخبرنا ,ليتقدس
أسمك ,طيب تعالوا نقرأ فى يوحنا 17 والحقيقة فى كل أنجيل يوحنا أغلبه المسيح
بيتكلم 26وَعَرَّفْتُهُمُ اسْمَكَ وَسَأُعَرِّفُهُمْ،
لِيَكُونَ فِيهِمُ الْحُبُّ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي بِهِ، وَأَكُونَ أَنَا
فِيهِمْ».وأيضا 4أَنَا مَجَّدْتُكَ عَلَى
الأَرْضِ. الْعَمَلَ الَّذِي أَعْطَيْتَنِي لأَعْمَلَ قَدْ أَكْمَلْتُهُ وأيضا
11وَلَسْتُ أَنَا بَعْدُ فِي الْعَالَمِ، وَأَمَّا
هَؤُلاَءِ فَهُمْ فِي الْعَالَمِ، وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ. أَيُّهَا الآبُ
الْقُدُّوسُ، احْفَظْهُمْ فِي اسْمِكَ الَّذِينَ أَعْطَيْتَنِي، لِيَكُونُوا
وَاحِداً كَمَا نَحْنُ. يعنى المسيح أتكلم عن أسم ربنا كتيرفهو الذى قدس
أسم الآب ومجده, ونقول ليأتى ملكوتك ,أيضا هو الذى جاء وأعد الملكوت وكانت كرازته
(توبوا لأنه أقترب ملكوت السموات) يعنى حقق لينا مجىء الملكوت ,ونقول لتكن مشيئتك
,طبعا ما هو الذى أكمل مشيئة الآب وأطاعه وهو اللى قال ما جئت لأعمل مشيئتى بل
مشيئة الذى أرسلنى ,طيب مين اللى حقق مشيئة الله على الأرض كما فى السماء زى ما
بنقول كما فى السماء كذلك على الأرض طبعا هو المسيح اللى قدر يكمل مشيئة الآب على
الأرض كما فى السماء ,وبنقول أعطنا خبز الكفاف طيب ما المسيح هو الخبز الحى اللى
نازل من السماء وهو اللى قال أنا هو الخبز وكل اللى يأكلنى لايجوع ,وبنقول أغفر
لينا ذنوبنا ,طيب ما هو غافر الذنوب والخطايا ,وبنقول نجينا من الشرير ,طيب ما هو
اللى سحق العدو ونجانا من الشيطان وكسر قيود الشيطان (رأيت الشيطان ساقطا مثل
البرق من السماء) ,ولذلك كانت حلاوة الصلاة اللى المسيح صلاها وعلمها لينا أن
المسيح حققها فى حياته ,انه لم يعطينا شوية كلام منمق أو شوية فرائض أو طقوس لكن
المسيح أعطانا حياته كصلاة بنرددها وبنكررها كل يوم وأحنا بنقول له أبانا الذى فى
السموات ,ولذلك المسيح بيقدم لينا الآب القدوس ويقدم لينا الملكوت وبيقدم لينا
المشيئة والأرادة وليست كموضوع تأمل أو رؤية أو دراسة بل بيقدم لنا الآب والملكوت
والمشيئة كحاجة روحية أحنا محتاجينها ولينا أرتباط شديد بيها فنحن محتاجين للآب
,وأحنا محتاجين للملكوت واحنا محتاجين لمشيئة الله ولذلك بيقدمها لينا المسيح
كحياة معاشة ويبقى لينا أتصال بيه ,المسيح لم يقد لنا اللاهوت كمجرد مصطلحات ولا
عبارات لفظية ,لكن قدم لينا اللاهوت على مستوى الحياة العملية ,فهو أبوك الذى
يطعمك ويسقيك ويسامحك ويرعاك وينجيك ,قدم لينا اللاهوت على مستوى عملى ,فقدم لنا
الآب على مستوى الإله الذى يهتم بكل دقائق حياتنا وبكل ما نهتم بيه , فهو ليس فقط
بيهتم بالأمور الروحية ,صلواتنا وغفران خطايانا بل بيهتم بلقمة العيش اللى بنأكلها
,فكل ما يهمنا فهو يهمه ,وهذا الموضوع خطير جدا أننا نقبل اللاهوت كحياة عملية
قريبة جدا منا ولذلك بنتفهم علاقتنا بالله من خلال أبانا الذى …. علاقة البنوة
بالأبوة ,وجميل جدا لو الأنسان كمان صلاها بالروح ,هو بيقول أن الروح يصرخ فينا
قائلا يا أبا الآب يعنى يابا باللغة السريانية ,اليس الروح القدس اللى بيخلينا
نقول أن أنت أبونا وعلشان كده لا أحد يستطيع أن يتمتع بمشاعر البنوة هذه والأحساس
بأن الله أبوه إلا إذا صلى أبانا الذى … بالروح القدس ,فالروح يشفع فينا بأنات
لا ينطق بها فهو يصرخ فينا يا أبا الآب ,ومش بنكرها تعويذة ولا بنكرها قبل الأكل
ولا بنكرها أى كلام ,فالأنسان الذى يصلى أبانا الذى بالروح القدس يتمتع بمشاعر
البنوة الجميلة ,أبانا الذى فى السموات ويمكن السيد المسيح لما حدد هذا التعريف
الذى فى السموات وليس معناه أنه غير موجود على الأرض ,ولكن كلمة السما نفسها التى
تتكرر مرتين فى الصلاة الربانية ,أن السيد المسيح يريد أن يقول لنا حاجة ,وأنت
بتقول له أبانا الذى فى السموات ,وأشعياء النبى زمان ربنا نطق على لسانه آيه وقال
55: 9 9لأَنَّهُ كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ
الأَرْضِ هَكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُم.
أنك بتكلم إله عالى ,ولكن هذا الإله العالى الذى فى السموات تنازل من
السموات و نزل إلى الأرض ,يعنى تنازل من أجلى ,ولما تقولها ليه أبانا الذى فى
السموات أنت يارب أبويا وثبتنى فى بنوتك وخللينى أبن دائم ليك وأشكرك لأنك فى
أبوتك نزلت ليا من السماء على الأرض وقد أيه هو مدى أتضاعك يارب بالرغم أنك عالى
كبعد السماء عن الأرض فى أفكارك لكن هذا البعد أحنيته كله ونزلت ليا على الأرض ولما
بأقول له أبانا الذى فى السموات و أن أنا أبنك فهذا يعطينى أحساس وشعور أن هذه
السماء هى هدفى وهى مآلى  وهى وطنى الذى
أترجاه ,وآه لو ماكنش عندنا أحساس وشعور ملازم دائم أننا نشتاق إلى السماء , نأكل
ونشرب لأننا غدا نموت , لكن الأنسان الذى يصلى أبانا الذى بعمق فعلا بيشعر أن أبوه
فى السماء وأنه سيصعد لأبوه فى السماء ويكتسب الطبيعة السماوية والسلوك السماوى
ولذلك لما بولس الرسول قال فى فيلبى 3: 20 20فَإِنَّ
سِيرَتَنَا نَحْنُ هِيَ فِي السَّمَاوَاتِ، الَّتِي مِنْهَا أَيْضاً نَنْتَظِرُ
مُخَلِّصاً هُوَ الرَّبُّ يَسُوعُ الْمسِيحُ،وسيرتنا يعنى حياتنا وهى فى السموات وليست على الأرض ,وأن كنا عايشين على
الأرض ولكن حياتنا بتتكتب فوق فى السماء لأن أبونا سماوى ,تماما مثل قطعة الحديد

لما توضع فى النار تلتهب وتكتسب طبيعة نارية وحقيقى ليس لها نار ولكنها بتكتسب
طبيعة النار ,وهذا بالضبط اللى أحنا بنعمله لما بيبقى لينا فكر سماوى وأب سماوى
بنكتسب الطبيعة السماوية ,صحيح أحنا مخلوقين أرضيين ,لكن كقطعة الحديد لما توضع فى
النار بتلتهب وتتوهج وتصير هى والنار واحد وكما قلت صحيح هى ليست نار لكن أكتسبت
طبيعة النار ,ولذلك كل ما يبقى فكر السما موجود فى حياتنا ,فهذا ينعكس على تصرفاتنا
وكلامنا ومشاعرنا وأنفعالاتنا ,أخيرا موضوع السما بالنسبة لى يا ترى هو شىء مهم أو
لأ  وأن كنت كل يوم بتقول له يا أبانا الذى
فى السموات فهل أخذت من طبيعة أبوك السماوى وألا لأ ,وأذا كان الله يسكن فى السموات
على رأى قداسة البابا فى قصيدته لما بيقول( ما بعيد أنت
عن روحى التى فى سكون الصمت تستوحى نداك ,فى سماء أنت حقا أنما كل قلب عاش بالحب
سماك ),يعنى كل قلب فينا حبك هو بالضبط سماء ربنا موجود فيها ,ولذلك كل ما
الأبن ينظر أبوه يحبه ويقدم له مشاعرالحب هذه يتحول على طول إلى سماء, أذا تعالوا
نقول ليتقدس أسمك.

الطلبة الأولى :                     (ليتقدس أسمك)

أبانا الذى فى السموات ليتقدس أسمك ,نعم ليتقدس أسمك فيا وبي يارب ولسان حالنا
ونحن نصلى هذه الطلبة وهذه هى أول طلبة الأنسان بيطلبها من ربنا ليتقدس أسمك فيا
يعنى فى حياتى و فى كيانى ,وأيضا بى ,فإذا كانت الصلاة هى عبارة عن تقديس لأسم
الله ,طيب يعنى أيه شىء مقدس أو حاجة مقدسة؟ فلما بأقول الترابيزة دى مقدسة أو هذا
المكان مكان مقدس أو هذه الأيقونه أيقونه مقدسة ,ولذلك بنسأل يعنى أيه مقدس؟ كلمة
آجيوس باليونانى يعنى شىء مختلف , أو هذا المكان مقدس يعنى يختلف عن باقى الأماكن
,مخصص لشىء معين ,طيب أسم الله هو جوهره وكيانه ووجوده ,طيب هل ممكن أن نقول أننا
بنقدس ربنا يعنى بنعطى ربنا القداسة و يا ترى هل فى أسم الله نقص أو عدم قداسة حتى
نطلب أن يتقدس ؟بالطبع..لأ.. فأسمه كامل القداسة ولأنه هو مصدر القداسة وهو قدوس,ولكن
لما بأقول يتقدس أسمك معناها يارب أنك مختلف عن الآخر ,وأعطينا أننا نعطى شخصك فى
حياتنا مكان مختلف عن باقى الأشياء الأخرى ,مكان فريد من نوعه ,ونعطيك يا رب وضع
خاص متميز وليس أننا نعطيك ونمدك بالقداسة بالطبع لأ ولذلك أتقدس يا رب فيا
وساعدنى يارب أن أنا أجعل ليك مكان متميز مكان مختلف وفريد عن الأب والأم
والصداقات والشهوات والماديات فأجعلنى يارب أقدس أسمك بوجودك بداخلى ,ويكون ليك
مكان متميز ومكان خاص أنك تصير فوق الكل وقبل الكل وأحلى من الكل وأن يعلن هذا
الأسم للجميع فى قداسته أى يمجد هذا الأسم من كل الشعوب والألسنة,ولذلك فى الصلاة
الربانية نحن نقدس أسم الله وفى الأسرار الكنسية (التوبة والميرون والمعمودية وفى
أى سر من باقى الأسرار) ربنا هو الذى يقدسنا ,طيب يعنى أيه الكلام ده ؟فى الصلاة
نحن نقدس الله ونعطيه وضعه المختلف عن كل الأوضاع الأخرى ,وربنا فى الأسرار
بيجعلنا نحن أيضا فى وضع مختلف عن الآخرين ,فالأنسان المتعمد بالمعمودية ليه وضع
مختلف عن الغير متعمد والأنسان التايب ليه أيضا وضع مختلف عن غير التايب وأيضا
الأنسان اللى متناول له وضع مختلف عن الغير متناول ولذلك نحن نقدس الله فى الصلاة
والله يقدسنا فى الأسرار ولذلك لما بأقول له ليتقدس أسمك بأطلب أن يتقدس أسمك يا
رب فيا وبى ,وجودك وحضورك ,وفى أوقات كتيرة حضور الله فى حياتنا بيختلف وساعات
نبقى شاعرين أن ربنا قريب منا ويختلف هذا الشعور فى ساعات أخرى ونشعر أننا بعاد
جدا عن ربنا ,ويختلف أحساسنا بوجود الله على حسب الظروف وعلى حسب المكان وعلى حسب
الزمان ,ولكن متى يصل الأنسان إلى الأحساس الدائم بوجود الله وأن ربنا حاضر وله
وضع مختلف عن بقية الأشياء وليس أن نضع ربنا على مستوى الأكل والشرب ,مثل مستوى
اللعب ومستوى الفسح ومستوى الهزار بالطبع لأ ربنا لازم يكون له وضع مختلف ,وفى
أوقات كثيرة جدا بنفقد بسبب عدم فهمنا وعدم تركيزنا وعدم تأملنا فى الصلاة
الربانية علاقات جميلة جدا بيننا وبين ربنا , لازم تقول لربنا أنت يا رب ليك وضع
مختلف عن باقى كل الأشياء وربنا ستجده بالتالى بيرد عليك ويقول لك وأنت كمان ليك
وضع مختلف عندى عن باقى كل الخليقة .

أذا تقديس
الأسم يعنى أحترام هذا الأسم وتوقيره وتقديره وإعلاءه ورفعه فوق كل شىء , وكما قلت
هى أول طلبة يستطيع أن يطلبها الأنسان لكى يستطيع أن يقرب لربنا لأنه بدون تقديس
أسم الله وأحترامه وتقديره وتوقيره لا يستطيع الأنسان أن يقترب من الله ولذلك يقول
الأنسان لربنا ليتقدس أسمك فيا وبى ليتقدس أسمك فى حياتى ويكون أسمك شىء غالى
ومرتفع فوق كل أرتفاع موجود فى حياتى وأسمك أيضا يتقدس بي أمام كل الناس لأن ربنا
قال فى العهد القديم بسببكم يجدف على الأسم الحسن أو يجدف على أسم الله بسبب
تصرفات الأنسان  أذا الرغبة الأولى التى
يقدمها الأنسان هى تمجيد وتوقير أسم الله بل تقديس أسم الله فى كل يوم وكل ساعة
وفى كل لحظة وفى كل طلبة ,والأنسان يستمر يكرر هذا الطلب بلا ملل علشان أسم الله
المقدس يغطى زمان غربة الأنسان كما رأينا فى رؤية أشعياء النبى أنه لما شاف السيد
جالس فى الهيكل والشاروبيم والسرافيم بيصرخوا ويقولوا قدوس قدوس قدوس أشعياء 6: 1-
3 1 فِي سَنَةِ وَفَاةِ عُزِّيَّا الْمَلِكِ رَأَيْتُ
السَّيِّدَ جَالِساً عَلَى كُرْسِيٍّ عَالٍ وَمُرْتَفِعٍ وَأَذْيَالُهُ تَمْلَأُ
الْهَيْكَلَ. 2السَّرَافِيمُ وَاقِفُونَ فَوْقَهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ سِتَّةُ
أَجْنِحَةٍ. بِاثْنَيْنِ يُغَطِّي وَجْهَهُ وَبِاثْنَيْنِ يُغَطِّي رِجْلَيْهِ
وَبَاثْنَيْنِ يَطِيرُ. 3وَهَذَا نَادَى ذَاكَ: «قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ قُدُّوسٌ رَبُّ
الْجُنُودِ. مَجْدُهُ مِلْءُ كُلِّ الأَرْضِ». أذا كان طبيعة الله القداسة
فنحن بنطلب أن طبيعة الله المقدسة هذه تحل فينا وتقدسنا أيضا لكى نستطيع الأقتراب
أليه لأن بولس الرسول للعبرانيين 12: 14
بيقول 14اِتْبَعُوا السَّلاَمَ مَعَ الْجَمِيعِ،
وَالْقَدَاسَةَ الَّتِي بِدُونِهَا لَنْ يَرَى أَحَدٌ الرَّبَّ. والحاجة
العجيبة كما قلت أن أنا لا أستطيع أن أقدس أسم الله ولذلك بأقول له وبأطلب أليه
بأشتياق وبتوسل ليتقدس اسمك وأنا لا أستطيع أن أقدس أسمك يا رب ,فالآنسان لا
يستطيع لأنه لا يملك أى شىء من القداسة لكن أنت يارب أرجوك تعالى قدس أسمك فى
حياتى وتعالى قدس أسمك فيا وبى ,وفى توسل إلى الله أنه يأتى ويقدس أسمه الذى دعى
علينا فى حياتنا لكى ما نحن أيضا نحيا حياة القداسة ونستطيع الأقتراب من الله
ويتقدس أسم الله فى حياتنا وربنا يقدس حياتنا بأسمه الموجود فينا أذا دعونا نقول
معا ليتقدس أسمك .

فى مطلع
المزمور الثامن العدد 1  1 أَيُّهَا الرَّبُّ سَيِّدُنَا مَا أَمْجَدَ
اسْمَكَ فِي كُلِّ الأَرْضِ حَيْثُ جَعَلْتَ جَلاَلَكَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ! ويختم
نفس المزمور بنفس العبارةقائلا فى العدد 9   9أَيُّهَا الرَّبُّ سَيِّدُنَا مَا أَمْجَدَ اسْمَكَ فِي كُلِّ
الأَرْضِ. وكأنه لايجد فى البداءة والختام ما هو احلى من هذه العبارة
ويردده تمجيدا لله ولأسمه العظيم ,ونحن لا يسعنا إلا أن نطلب ليتقدس أسمك.

هذه الطلبة
لم تأتى فى موضعها عرضا بل عن قصد فهى تتصل بالعبارة الأولى أتصالا وثيقا كما أنها
ترتبط بما يليها,وأن أجراء أى تبديل أو تغيير فى وضعها يشعرنا بعدم الأنسجام وعدم
الترتيب أذ نكون بعيدين عن الوضع الصحيح لتعليم السيد المسيح ,تخيلوا لوقلنا أبانا
الذى فى السموات ليأت ملكوتك وليتقدس أسمك ,نجد أن فى تغيير الوضع ما يخالف نظرة
المسيح وترتيبه,أذا هو أمر طبيعى أنه بعد أن عرفنا أسم الله فى هذا اللقب الجديد
أبانا أن يتبع هذا الأسم بالطلب ليتقدس أسمك وهو طلب يعد أساسا لما جاء بعده من
طلبات ,فنحن نقول ليأت ملكوتك لكى يتمجد أسمه بأتيان هذا الملكوت ,وأذ نقول لتكن
مشيئتك وغرضنا تمجيد أسمه أيضا ,وعندما نصلى خبزنا كفافنا أعطنا اليوم فأننا نطلب
خبز اليوم لكى نتقوى ونحيا ونمجد أسم الله ,وعندما نقول أغفر لنا ذنوبنا فما ذلك
إلا لأننا نريد أن نتطهر قلبا وشفاها حتى نقدس أسمه ,اخيرا نطلب لا تدخلنا فى
تجربة لكن نجنا من الشرير لكى نزيل العوائق حتى نمجد أسمه لأن الشرير يحاول دائما
أن يثنينا عن تمجيد أسمه فنقول دائما نجنا من الشرير ليتقدس أسمك.

الحقيقة أحنا
بنذكر الأسم للتمييز وقد نستطيع أن نميز الناس من بعضهم البعض (بالوجه والشكل
والصورة والطباع ..) لكننا نجد الأسم أسهلها للتمييز ,وكما قلت أنه توجد آلهه
كثيرة مثل عشتاروت وداجون وبعلزبول …وكل الأصنام التى صنعها الأنسان لنفسه لها
أسماء مختلفة أما ألهنا فيتميز عن جميع الآلهه الكثيرة ويعرف بهذا اللفظ الفريد
(أبانا الذى فى السموات) إذا فنحن نقول ليتقدس أسمك ونعنى ليتقدس أسمك أيها الآب ,
أذا يذكر الأسم للتمييز وأيضا كما أنه يميز كل ما يتصل به عن غيره ,يعنى لو أضفنا
إلى أسم الرب الكلمات الآتية: يوم,بيت,كتاب,شعب,خادم … وأمثالها نعطى لها تمييزا
خاصا فنقول يوم الرب ونعنى يوم الأحد ونقول بيت الرب ونعنى الكنيسة ونقول كتاب الرب
ونعنى الكتاب المقدس مميزا عن سائر الكتب وهكذا نقول شعب الرب وكاهن الرب …..
وفى هذا التمييز ما هو ظاهرا للتفرقة بين أتباع الرب وبين البعيدين عنه أذا عندما
نصلى ليتقدس اسمك فأننا لا نطلب فقط تقديس الأسم بل أيضا بنذكر كل ما يتصل بهذا
الأسم المجيد , وكذلك يدل الأسم على شخصية ,فعندما يتحدث الناس إلى ملك فيقولون له
جلالتك وإلى أمير يقولون سموك وإلى البطريرك يقولون غبطتك وقداستك ,وهم فى الحقيقة
يقصدون من وراء الجلاله والسمو والغبطة شخصيات لا مجرد ألقاب , ونحن عندما نقول
ليتقدس أسمك نعنى ليتقدس شخصك ,ويدل الأسم أيضا فى طلباتنا على طبيعة الله ,فعندما
قال السيد المسيح فى صلاته الشفاعية (أنا أظهرت أسمك للناس)
فى الواقع أن السيد المسيح لم يعرف للناس أسم الله كمجرد لفظ بل أظهر لهم الله فى
رعايته للبشر كآب وفى محبته لهم بأرساله الأبن الوحيد لفداء العالم وفى قداسته
وعدله وقدرته وكل باقى صفاته ,ونحن عندما نصلى ليتقدس أسمك كأننا نقول لتتقدس أيها
الرحيم فى رحمتك والعادل فى عدلك والمحب فى محبتك والقدوس فى قداستك…

أيها الآب
قدس اسمك بأعلان ذاتك لغير المؤمنين والبعيدين وعرفهم ذاتك فى الكلمة المتجسد ,أن
الناس وصلوا أخيرا إلى غزو الفضاء وأطلاق الأقمار الصناعية والأنترنيت وأصبح
الأنسان تأخذه الخيلاء والكبرياء فى هذا العصر ,ونحن ما أحوجنا إلى أن نصلى ليتقدس
أسمك , قدس أسمك يارب حتى يهتف كل أنسان إذا رأى سمواتك عمل أصابعك,كما فى المزمور
8: 3- 4 3إِذَا أَرَى سَمَاوَاتِكَ عَمَلَ أَصَابِعِكَ
الْقَمَرَ وَالنُّجُومَ الَّتِي كَوَّنْتَهَا 4فَمَنْ هُوَ الإِنْسَانُ حَتَّى
تَذْكُرَهُ وَابْنُ آدَمَ حَتَّى تَفْتَقِدَهُ! قدس أسمك يارب ليتغنى كل
أنسان مع المزمور 19: 1
1 اَلسَّمَاوَاتُ تُحَدِّثُ بِمَجْدِ اللهِ
وَالْفَلَكُ يُخْبِرُ بِعَمَلِ يَدَيْهِ.

قدس أسمك فى كلام الكتاب إعمل يارب حتى يصل كلامك إلى جميع الناس وتمتلىء الأرض من
معرفتك إننا نصلى ليتقدس أسمك بإعلان ذاتك فى الكلمة المتجسد ,فى الرب يسوع المسيح
لأن كثيرين قد أغلق عليهم أن يدركوا شخص الله فى السيد المسيح ,كثيرين يتشككون
وينكرون ونحن نصلى (قدس يا رب أسمك حتى يعرف الجميع أبنك الحبيب).

قدس أسمك بأعلان قوتك
لكل الذين تكبروا وتجبروا وطغوا ولم يعطوا المجد لك ,لقد تكبر فرعون فتمجد الله فى
فرعون وجيشه
,ولنرنم مع مريم أخت موسى كما فى الخروج 15: 21 21 فَكَانَتْ مَرْيَمُ
تُجَاوِبُهُنَّ: «رَنِّمُوا لِلرَّبِّ لأَنَّهُ قَدْ تَمَجَّدَ جِدّاً. الْفَرَسَ
وَرَاكِبَهُ قَدْ طَرَحَهُمَا فِي الْبَحْرِ»
.
, وتكبر نبوخذ نصر وتمجد الله أذ جعله كالحيوان يأكل
العشب كالثيران كما فى دانيال 4: 25 25يَطْرُدُونَكَ مِنْ
بَيْنِ النَّاسِ وَتَكُونُ سُكْنَاكَ مَعَ حَيَوَانِ الْبَرِّ وَيُطْعِمُونَكَ
الْعُشْبَ كَالثِّيرَانِ وَيَبُلُّونَكَ بِنَدَى السَّمَاءِ فَتَمْضِي عَلَيْكَ
سَبْعَةُ أَزْمِنَةٍ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ الْعَلِيَّ مُتَسَلِّطٌ فِي مَمْلَكَةِ
النَّاسِ وَيُعْطِيهَا مَنْ يَشَاءُ.,وأعلن المسيح قوته فى قهر الشيطان فى
كل تجربة كما فى لوقا 4: 33- 34 33وَكَانَ فِي
الْمَجْمَعِ رَجُلٌ بِهِ رُوحُ شَيْطَانٍ نَجِسٍ، فَصَرَخَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ
قَائِلاً: 34«آهِ! مَا لَنَا وَلَكَ يَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ ؟أَتَيْتَ
لِتُهْلِكَنَا! أَنَا أَعْرِفُكَ مَنْ أَنْتَ: قُدُّوسُ اللهِ!». , فليتقدس
أسمك يارب على لسان الأقوياء والضعفاء وفى قلوب الناس أجمعين.

أننا نحتاج إلى حياة
الطهارة المقدسة لكى نمجد الله تمجيدا حقيقيا مرضيا كما علينا أن نقدس كل ما يتصل
بإسمه الكريم ,يعنى مش معقول ندوس على يوم الرب ونطلب ليتقدس اسمك أو لا نذهب لبيت
الرب ونقول أننا نمجد أسمه أو نحتقر كتاب الرب وما نقرأهوش ويمكن ما بنفتحهوش
ونفكر فى تقديس أسمه ,صدقونى لسه الفرصة موجودة علشان نراجع أفعالنا وكل اللى
بنعمله حتى نقول من أعماق قلوبنا ليتقدس أسمك.

هل سمعتم أغنية السرافيم
(( قدوس , قدوس , قدوس , رب الجنود مجده ملء كل الأرض؟ طيب مين هم هؤلاء السرافيم
؟ أعتقد كلنا نعرف أنهم ملائكة ولكن لا يستطيع أحد منهم أن يقول كما نقول نحن
(احبنى وأسلم نفسه لأجلى) فهم يشتهون أن يتطلعوا على ما أعده الرب لكم ولى وهم
يمجدون الله وهم لا يتمتعون بما نتمتع به ,اليس بعد كل هذا يجب علينا نحن الذين
أحبنا ولم يشفق على أبنه الحبيب من أجلنا أن نقدس أسمه ؟!

تعالوا معايا نقول قدوس
أسمك أيها الآب الذى أحببتنا ورعيتنا …قدوس الله القوى ,قدوس أسمك أيها الأبن
الذى فديتنا ومت لأجلنا … قدوس الأبن القوى , قدوس أسمك أيها الروح القدس يا من
سكبت الله بغنى فى قلوبنا …قدوس الروح القدس القوى.

أبانا الذى فى السموات “ليتقدس أسمك”,”ليأت ملكوتك”

والى اللقاء مع الجزء الرابع راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم
العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين.

أخوكم  +++ فكرى جرجس

تأملات وقراءات فى الصلاة الربانية الجزء الرابع

25 أكتوبر 2011

 

تأملات وقراءات فى الصلاة الربانية

                متى 6: 9- 13  , لوقا 11: 2- 4

                              الجزء الرابع

مقدمة

بعد ان
تعرفناعلى مقدمة الصلاة الربانية (ابانا الذى فى السموات) وكيف أن السيد المسيح
قدم لنا ربنا وقربه لينا فى لفظ بسيط يدفعنا إلى حبه “أبانا”وأنه أب
أبدى وفريد وخالق وذهبنا لأولى الطلبات فى الصلاة الربانية ليتقدس أسمك ونقول كما
يتقدس أسمك يا رب بواسطتك كذلك ليتقدس أسمك بواسطتنا فى كلماتنا وفى حياتنا ,ولو
تأملنا فى الوصية “لا تنطق بأسم الرب ألهك باطلا” ولو ناقشنا وحاسبنا
أنفسنا بالنسبة لهذه الوصية ,لوجدنا أننا تعدينا هذه الوصية وأن أسم الله فى
كلماتنا كثيرا ما يذكر فى غير تقديروكثير من الأديان تجدف على أسم الرب وتستهزأ به
وتحط من شأنه ووصلوا إلى حد تمجيد البشر أكثر منه!,وكثيرون هم الذين يحلفون
ويجمعون بين أسم الله وأسماء أشياء كثيرة من الأطعمة والأشربة وأثمانها ,وكما أنه
أيضا فى الكنيسة يذكر البعض أسم الله والفكر عنه بعيد ,ونذكر الله على ألسنتنا دون
تقدير .ونكون مغالطين عندئذ حين نصلى ليتقدس اسمك ,ولذلك لنقدس أسمه فى كلماتنا ومتى
ذكرناه فليكن بكل توقير وأحترام.

أن كتبة
الوحى من اليهود وكذا الفريسيين ,كانوا يوقرون إسم الرب إلى حد بعيد , وكانوا أذا
أرادوا أن يكتبوا الأسم (يهوه )وهو أسم الله الذى
اعلنه لموسى فى العليقة (أهيه الذى أهيه) أى
الكائن كانوا يغسلون أيديهم ويخشعون عند كتابته ,أما فى القراءة حتى اليوم فأن
اليهود يستعيضون عن لفظ (يهوه) بالكلمة “أدوناى” ومعناها السيد وذلك قصدا منهم فى توقير أسم
الله وتكريمه ,فأن فعل اليهود هكذا أفلا يليق بنا نحن المسيحيين أن نتكلم عن الله
وعن أسمه بكل وقار؟”ليتقدس أسمك”

لقد أساء
إسرائيل إلى أسم الله المقدس بعبادتهم الأصنام وبعدم سلوكهم فى فرائضه وعدم حفظ
احكامه والعمل بها وحل بهم العار والجوع والخزى ,وكان لابد لهم لتمجيد أسم الله من
الرجوع عن طريقهم وتطهيرهم ,وعمل الله لأجل أسمه وإعطائهم قلبا جديدا حسب وعده كما
فى حزقيال 36: 22- 30 22لِذَلِكَ فَقُلْ لِبَيْتِ
إِسْرَائِيلَ. هَكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: «لَيْسَ لأَجْلِكُمْ أَنَا
صَانِعٌ يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ, بَلْ لأَجْلِ اسْمِي الْقُدُّوسِ الَّذِي
نَجَّسْتُمُوهُ فِي الأُمَمِ حَيْثُ جِئْتُمْ. 23فَأُقَدِّسُ اسْمِي الْعَظِيمَ
الْمُنَجَّسَ فِي الأُمَمِ الَّذِي نَجَّسْتُمُوهُ فِي وَسَطِهِمْ, فَتَعْلَمُ
الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ حِينَ أَتَقَدَّسُ
فِيكُمْ قُدَّامَ أَعْيُنِهِمْ. 24وَآخُذُكُمْ مِنْ بَيْنِ الأُمَمِ
وَأَجْمَعُكُمْ مِنْ جَمِيعِ الأَرَاضِي وَآتِي بِكُمْ إِلَى أَرْضِكُمْ.
25وَأَرُشُّ عَلَيْكُمْ مَاءً طَاهِراً فَتُطَهَّرُونَ. مِنْ كُلِّ نَجَاسَتِكُمْ
وَمِنْ كُلِّ أَصْنَامِكُمْ أُطَهِّرُكُمْ. 26وَأُعْطِيكُمْ قَلْباً جَدِيداً,
وَأَجْعَلُ رُوحاً جَدِيدَةً فِي دَاخِلِكُمْ, وَأَنْزِعُ قَلْبَ الْحَجَرِ مِنْ
لَحْمِكُمْ وَأُعْطِيكُمْ قَلْبَ لَحْمٍ. 27وَأَجْعَلُ رُوحِي فِي دَاخِلِكُمْ,
وَأَجْعَلُكُمْ تَسْلُكُونَ فِي فَرَائِضِي وَتَحْفَظُونَ أَحْكَامِي
وَتَعْمَلُونَ بِهَا. 28وَتَسْكُنُونَ الأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتُ آبَاءَكُمْ
إِيَّاهَا, وَتَكُونُونَ لِي شَعْباً وَأَنَا أَكُونُ لَكُمْ إِلَهاً.
29وَأُخَلِّصُكُمْ مِنْ كُلِّ نَجَاسَاتِكُمْ. وَأَدْعُو الْحِنْطَةَ
وَأُكَثِّرُهَا وَلاَ أَضَعُ عَلَيْكُمْ جُوعاً. 30وَأُكَثِّرُ ثَمَرَ الشَّجَرِ
وَغَلَّةَ الْحَقْلِ لِكَيْلاَ تَنَالُوا بَعْدُ عَارَ الْجُوعِ بَيْنَ الأُمَمِ.
31فَتَذْكُرُونَ طُرُقَكُمُ الرَّدِيئَةَ وَأَعْمَالَكُمْ غَيْرَ الصَّالِحَةِ,
وَتَمْقُتُونَ أَنْفُسَكُمْ أَمَامَ وُجُوهِكُمْ مِنْ أَجْلِ آثَامِكُمْ وَعَلَى
رَجَاسَاتِكُمْ. 32لاَ مِنْ أَجْلِكُمْ أَنَا صَانِعٌ يَقُولُ السَّيِّدُ
الرَّبُّ, فَلْيَكُنْ مَعْلُوماً لَكُمْ. فَاخْجَلُوا وَاخْزُوا مِنْ طُرُقِكُمْ
يَا بَيْتَ إِسْرَائِيلَ. أذا كما نقدس الله فى كلماتنا علينا أن نقدس أسمه
فى حياتنا ,فنحيا العيشة الفاضلة المثمرة أعمالا صالحة لكى يرى الناس أعمالنا
الحسنة ويمجدوا أبانا الذى فى السموات ,وعلينا أن نطلب غفران خطايانا ونقدس قلوبنا
وشفاهنا حتى نمجد ونقدس إسم الرب ,ونذكر كما كانت شفاه السرافيم تترنم
“قدوس,قدوس,قدوس رب الجنود مجده ملء كل الأرض ,وأحس أشعياء بنجاسة شفتيه وبنجاسة
شفاه الشعب الذى هو ساكن بيته فكان لابد لكى يمجد الله أن يمس الملاك فمه بجمرة من
على المذبح ويسمع الصوت أنتزع أسمك وكفر عن خطيتك كما فى أشعياء 6: 5- 7 5فَقُلْتُ: «وَيْلٌ لِي! إِنِّي هَلَكْتُ لأَنِّي إِنْسَانٌ
نَجِسُ الشَّفَتَيْنِ وَأَنَا سَاكِنٌ بَيْنَ شَعْبٍ نَجِسِ الشَّفَتَيْنِ لأَنَّ
عَيْنَيَّ قَدْ رَأَتَا الْمَلِكَ رَبَّ الْجُنُودِ». 6فَطَارَ إِلَيَّ وَاحِدٌ
مِنَ السَّرَافِيمِ وَبِيَدِهِ جَمْرَةٌ قَدْ أَخَذَهَا بِمِلْقَطٍ مِنْ عَلَى
الْمَذْبَحِ 7وَمَسَّ بِهَا فَمِي وَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ قَدْ مَسَّتْ شَفَتَيْكَ
فَانْتُزِعَ إِثْمُكَ وَكُفِّرَ عَنْ خَطِيَّتِكَ».وكما قلت نحن نحتاج إلى
حياة طاهرة مقدسة لكى نمجد الله تمجيدا حقيقيا مرضيا ونقول أبانا الذى فى السموات
ليتقدس أسمك وبعد ذلك نطلب ليأت ملكوتك.

الطلبة الثانية :                     (لِيَأْتِ مَلَكُوتُك.)

فى ترتيب الطلبات ملكوت الله مايجيش إلا أذا تقدس الله فى حياتنا ,ولذلك لا يأتى ملكوته قبل
تقديس حضوره فى القلب ثم تتقدس المشيئة فى الفكر والعمل , ولذلك أذا تقدس أسم الله
فى حياتنا وربنا قدس حياتنا بأسمه الموجود فينا نستطيع أننا نتقدم بالطلبة الثانية
ونقول له ليأتى ملكوتك بمعنى أن هذه الطلبة تتصل بما سبقها إتصالا وثيقا فنحن نطلب
تقديس أسم الآب لكى يأتى ملكه أو ملكوته ,كما تتصل بما بعدها أيضا ,لأنه بأتيان
الملكوت تتم مشيئة الآب كما فى السماء كذلك على الأرض.,ليأتى ملكوتك ,ولسان حالى
وأنا بأصلى لربنا وبأقول له ليأتى ملكوتك يا رب عليا ,يخطىء من يظن أننا لما بنطلب
ليأتى ملكوتك أننا بنعجل مجىء الملكوت أو بنقول لربنا تعالى بدرى أو بنستحسه أنه
ييجى بدرى بالطبع لأ لأنى أقصد ليأتى ملكوتك عليا لأن ملكوت الله حاييجى فى وقت
معين هو حدده ,لكن لما بأقول له ليأتى ملكوتك ,يعنى أعددنى أنا يا رب لأستقبال هذا
الملكوت ,وأن ملكوتك يبقى له وضع فيا وومكان فيا وقدشبهها السيد المسيح فى أحد
أمثاله بيقول فى متى 13: 45 ,46 45أَيْضاً يُشْبِهُ
مَلَكُوتُ السَّمَاوَاتِ إِنْسَاناً تَاجِراً يَطْلُبُ لَآلِئَ حَسَنَةً،
46فَلَمَّا وَجَدَ لُؤْلُؤَةً وَاحِدَةً كَثِيرَةَ الثَّمَنِ، مَضَى وَبَاعَ كُلَّ
مَا كَانَ لَهُ وَاشْتَرَاهَا يعنى اللؤلؤة الواحده دى الكثيرة الثمن هى
الملكوت التى تستحق أننا نضحى بكل اللآلىء الموجودة فى حياتنا من أجل أن تكون لينا
هذه اللؤلؤه الواحده ,واللآلى كتير فى الحياة ولكن كلها مجتمعة لا تساوى تلك
اللؤلؤة الكثيرة الثمن التى تستحق أننا نضحى ونجاهد من أجلها من أجل أن تكون من
نصيبنا ,يا ترى مين اللى عنده أستعداد أنه يسيب كل اللآلىء من أجل أنه يطلب
اللؤلؤة الكثيرة الثمن ,ملكوت الله مش حاجه جايه ,لكن ملكوت الله موجود ,ومن ساعة
الله ما أوجد هذا العالم والملكوت موجود فى الماضى وفى الحاضر وفى المستقبل ,ولما
ربنا بيتكلم عن الأتكاء فى حضن أبراهيم يعنى أن هذا هو الملكوت , بعدين ربنا بيقول
لينا ها ملكوت الله داخلكم يعنى موجود فيكم دلوقتى ,وبعدين أحنا منتظرين ملكوت فى
المستقبل وهذا الأنتظار هو أستعلان الملكوت فى حياتنا ولكنه موجود فى الماضى
والحاضر والمستقبل ,,فمجىء الملكوت وأستعلانه يبدأ من هنا على الأرض لما النفس
تتعرف على شخص السيد المسيح وتقبله كملك فى حياتها وتبدأ تعيش هذا الملكوت على

الأرض و تستمر معاه فى هذه الشركة حتى تكون شريكته أيضا فى مجيئه الثانى ,ومن أجل
هذا نطلب بأستمرار فى كل طلبة أن ملكوتك يارب يستعلن فينا وبينا أيضا يعنى ملكوتك
يتم فينا وتيجى تملك على الأرادة والفكر وعلى المشاعر وعلى الحواس وعلى الحياة
وعلى الأمكانيات وعلى الرغبات وعلى الأحتياجات ,وأيضا يستعلن بينا للآخرين أننا
نقدم صورة هذا الملكوت للآخرين فيعيشوه هم أيضا ,وعندما نقول يأتى ملكوتك
ولأشتياقنا لهذا الملكوت ,وهذا ليس معناه أننا واثقين فى نفسنا وأن أستعدادنا كامل
لهذا الملكوت ,فهو ليس عن كمال أستعداد حاصل فينا بل أننا بنستحس ربنا على سرعة
المجىء وأنه يملك علينا سواء هنا على الأرض أو بأعلان مجيئه الثانى بسبب أشتياقنا
وحبنا ليه وبسبب فرحنا بيه وأننا عايزينه يملك من الآن وإلى الأبد علينا ونطلب
سرعة مجىء هذا الملكوت بسبب ثقل الواقع الزمنى المحيط بينا والشر والظروف الصعبة
المحيطة بينا وقسوة الخطية وميل الأنسان ليها ولذلك بنتوسل بشدة لربنا أنه ييجى
ويملك علينا لكى ينقذنا من العالم الحاضر الشرير ومن هذا الواقع الزمنى المر ,فبنطلب
منه ملكوته اللى كله رحمة وكله معونة ,وأن رحمته ومعونته تساعدنا فى وسط ظلمة هذا
الزمان وفى ضيق هذه الأيام ,لأننا كما نرى العالم كل يوم الظلمة فيه بتزيد
والتجارب فيه بتشتد والخطية فيه بتقوى ,ولأحساسنا بخطورة الموقف وأشتياقنا للملكوت
يخلينا بأستمرار أننا نطلب بأستمرار مجىء هذا الملكوت ونطلب أن يستعلن فينا وبينا ,وأنت
بتطلب ملكوت السموات تذكر أن ملكوت الله آتى وحتما ولابد أن يأتى و نوره سيشملنا
جميعا وأحنا على ميعاد لأنتظار هذا الملكوت ,طلبنا لهذا الملكوت بسلطان البنين أو
سلطان البنوة ,فأذا كنا أبناء فنحن وارثون ,والملكوت هو ميراثنا كبنين ولذلك
بنطلبه أننا نتمتع بيه وأننا نعيشه ,ولكن فى كل مرة الأنسان بيطلب من ربنا ليأتى
ملكوتك ,وأذا طلبنا هذا الملكوت وفعلا كنا واعيين لهذه الطلبة وجادين فيها ,فعلينا
أننا نواجه وضعنا الخاطى فى كل حين ونحاول نتوب عنه ,ونتوب عنه لكى نكون مستعدين
لهذا الملكوت ومتمتعين بيه ,نفحص نفسنا كل يوم , نراقب نفسنا ونطلب قوة المسيح
المطهرة أنها تطهرنا وتتوبنا علشان نعيش حياه جديدة هى حياة الملكوت ولما هذا
الملكوت يستعلن فى كمال وجهه نكون أحنا فعلا لائقين لهذا الملكوت ,و الأنسان الذى
يطلب الطلبه ويعى ليأت ملكوتك ,بيفحص نفسه كل يوم بالتوبة ويصلح من وضعه بقوة
المسيح المطهرة علشان يثبت فى هذا الملكوت ,وليس فقط الأنسان ينظف نفسه من الخطايا
اللى هو بيعيشها أو من الغلط اللى موجود فيه أو بيحاول يعطل حدوث الملكوت فى حياته
,لكن أيضا قد يضطر الأنسان وليس أضطرار نتيجة حاجة غصب عنه لكن بأرادته ,أنه يتخلى
عن أشياء كثيرة فى حد ذاتها قد تكون ليست خطأ لكنها قد تعطل حدوث الملكوت فى حياة
الأنسان ولذلك إللى بيطلب الملكوت يكون عنده أستعداد أنه قد يتخلى عن بعض الأشياء
الموجودة فى حياته التى تعوق أستعلان هذا الملكوت فى حياته وهى فى حد ذاتها ليست
خطأ ,وهى مثل انه قد يستغنى عن أصدقاء وعن عادات وأفكار وعن أماكن والأنسان بيقول
عليها دى مافيهاش غلط ,قد يكون مافيهاش غلط فى حد ذاتها لكنها تعطل عمل الملكوت
بأستمرار,والأنسان بأستمرار فى سعية ناحية الملكوت عليه أنه يختار والحياه هى
مجموعة أختيارات الأنسان بيختارها بأستمرار ,وقد يختار الأنسان ما بين حاجتين
كويسين لكن لازم يتعلم أزاى يختار الحاجة الأحسن يعنى الأولويات يعنى يكون أختياره
الشىء اللى بيقربه بربنا أكثر  ,لأن فى
أوقات كثيرة الملكوت بيضيع من حياتنا لأننا ما بنعرفش نختاره وبنختار حاجات تانية
زى مجاملات الناس أو مثل متعات معينة قد تكون متعات بريئة ولكنها تشغلنا كثيرا عن
فكر الملكوت ,حتى لو كانت الخدمة ,وبعض الناس أنشغلت عن المسيح بالخدمة ,والخدمة
فى حد ذاتها شىء حلو وشىء مبارك ولكن لو الخدمة بتشغلنى عن أنى أتمتع بعلاقة شخصية
بربنا ينبغى أنى أكون عارف أن الأختيار الأول يكون ربنا وبعد كدة الخدمة ,ولازم
أقتنى اللؤلؤة الوحيدة الحسنة الكثيرة الثمن .

أن الصلاة
الربانية متماسكة منتظمة ,أنها توالد الأفكار من بعضها بحيث يلزم أتباع ترتيبها فى
غير تعديل أو تنسيق ,وأن أجراء أى تعديل فيها يخرجها عن غرض المسيح وفكره ,فلا يصح
أن نطلب مثلا (خبزنا كفافنا) قبل طلب إتيان الملكوت لأنه يجب أن نطلب أولا ملكوت
الله وبره فنعطى الخبز ونزاد ,يعنى الطلبة الأولى هى بمثابة الأساس وما يليها من
طلبات أحجار متتابعة فى هذا البناء الحى ,ففى الطلبة الأولى نتجه إلى الله فى خشوع
ومحبة ,وفى هذه الطلبة التانية نتجه أليه فى خضوع وطاعة لأننا فى الطلبة الأولى
نتحدث إلى الله كأب أما فى الثانية فنتحدث أليه كملك .

(ليأت
ملكوتك)
,هذا نداء يتجه إلى ملكوت ممتاز يختلف عن الممالك الكثيرة التى نعرفها ,توجد
ممالك العالم ومملكة الشيطان ولكنا هنا نطلب ملكوتا ممتازا هو ملكوت الله
,فالمتسلط فيه ليس ملكا أرضيا ولا شيطانيا بل الملك القدوس ملك الملوك ورب الأرباب
,ولكى أحدد نوع الملكوت الذى نطلب أن يجىء, أوجه الفكر إلى 1- دائرة العالم , 2-
ودائرة القلب 3- ودائرة السماء .

1-دائرة
العالم
ففيها ملكوت الله موجود منذالأزل فهو متسلط فى مملكة الناس ومن تكبر منهم
فهو قادر أن يذله ,هكذا عرف نبوخذ نصر الملك بعد كبريائه وإذلاله بعد أن صار
كالحيوان يأكل العشب كالثيران وأبتل جسمه بندى السماء وطال شعره مثل النسور
وأظفاره مثل الطيور , وبعد أنتهاء الأيام ورجوع عقله إليه سبح وحمد الحى إلى الأبد
الذى سلطانه سلطان أبدى وملكوته إلى دور فدور, نعم به نحيا ونتحرك ونوجد وكما يشاء
يفعل بنا ولا يوجد من يمنعه أو يقول له ماذا تفعل؟ ,فهو ملك عظيم فى كل الأرض وهو
ملك عظيم فى الطبيعة ,فالسموات تحدث بمجده والفلك يخبر بعمل يديه ,يوم إلى يوم
يذيع كلاما وليل إلى ليل يبدى علما ,يرسل شمسه على الصالحين والظالمين ويمطر على
الأبرار والظالمين ,هو ملك عظيم فى الطبيعة ومتسلط فى مملكة الناس ,هو ملك فى
دائرة العالم ولسنا لأجل هذا الملكوت نطلب أن يجىء لأنه موجود.

2-دائرة
القلب
ونطلب أن يملك الله عليها وهذا نسميه ملكوت النعمة ,ويتم بخلاصنا من بعد
معموديتنا هنا وقبول الرب يسوع فاديا ,وملكوت النعمة الذى أشار أليه يوحنا
المعمدان فى قوله فى متى 3: 2 2قَائِلاً: «تُوبُوا،
لأَنَّهُ قَدِ اقْتَرَبَ مَلَكُوتُ السَّماوَاتِ. وهو الملكوت الذى نادى به
يسوع فى مرقس 1: 15 15وَيَقُولُ: «قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ
وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإِنْجِيلِ».,ولهذا
الملكوت شأن كل مملكة – ملك وشعب ودستور أو
ملك من الشعب للشعب :ما فى العبرانيين 2: 14 14فَإِذْ
قَدْ تَشَارَكَ الأَوْلاَدُ فِي اللَّحْمِ وَالدَّمِ اشْتَرَكَ هُوَ أَيْضاً
كَذَلِكَ فِيهِمَا، لِكَيْ يُبِيدَ بِالْمَوْتِ ذَاكَ الَّذِي لَهُ سُلْطَانُ
الْمَوْتِ، أَيْ إِبْلِيسَ،أى لخدمة شعبه لأنه كما فى مرقس 10: 45 45لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضاً لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ
بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ».,فهو ملك
فى الطفولة
,والمجوس رجال المشرق الحكماء سجدوا عند قدميه مقدمين له ذهبا
أعترافا بملكه ,وهو أيضا ملك فى دخوله أورشليم بالرغم من ركوبه على جحش أبن
أتان وحوله حاشية فقيرة ولكن الشعب هتف له فى متى 21: 9 9وَالْجُمُوعُ
الَّذِينَ تَقَدَّمُوا وَالَّذِينَ تَبِعُوا كَانُوا يَصْرَخُونَ قَائِليِنَ:
«أُوصَنَّا لاِبْنِ دَاوُدَ! مُبَارَكٌ الآتِي بِاسْمِ الرَّبِّ! أُوصَنَّا فِي
الأَعَالِي!».,وكان بين الشعب الهاتف ,الأعرج الذى مشى والأعمى الذى أبصر
والمريض الذى شفى والميت الذى قام والخاطىء الذى تحرر ,نعم لقد ملك يسوع المسيح
على قلوب الجميع بمحبته وخدمته ,وهو أيضا ملك فوق الصليب ,وها هو اللص
المصلوب يطلب فى لوقا 23: 42 42ثُمَّ قَالَ لِيَسُوعَ:
«اذْكُرْنِي يَا رَبُّ مَتَى جِئْتَ فِي مَلَكُوتِكَ». فهو واثقا أنه رب
وملك ,حقا هذا هو الملك الذى أرتفع عن الأرض فجذب أليه الجميع كما قال فى يوحنا
12: 32 32وَأَنَا إِنِ ارْتَفَعْتُ عَنِ الأَرْضِ
أَجْذِبُ إِلَيَّ الْجَمِيعَ». أما شعب هذا الملكوت فهم الذين قبلوا
يسوع المسيح مخلصا لهم وأعترفوا به ربا وإلها ,هم جماعة المؤمنين ,هم الكنيسة
المسيحية التى تتكون من كل قبيلة وأمة ولسان ,هم البيض والسود والحمر والصفر الذين
قبلوا المسيح وملكوه فى قلوبهم .هم الأغنياء والفقراء ,الكبار والصغار ,جميع الذين
أنضموا تحت رايته ,لافرق بين ذكر وأنثى ,عبد وحر ,لأن الجميع شعب واحد فى المسيح
,أما دستور هذا الملكوت فهو المبادىء المسيحية التى نادى بها المسيح وعلمها ولنأخذ
مثالا لذلك خطاب العرش الذى ألقاه فوق الجبل والمعروف بعظة المسيح على الجبل ,ففى
هذا الخطاب نجد أسمى المبادىء التى لو أخذ بها البشر لوجدنا الأنسان المثالى الذى
يحب عدوه ويبارك لاعنيه ويحسن إلى مبغضيه ويصلى لأجل الذين يسيئون أليه ,هذا هو
ملكوت النعمة الذى يضمنا , و ملكنا فيه المسيح ودستورنا فيه مبادئه السامية التى
علمها لنا والتى أبرزها فى حياته وهو ملكوت بابه مفتوح لكل من يؤمن .

(ليأت ملكوتك) بهذه الطلبة نحن نرجو أن يأتى ملكوت النعمة فقط فى كل قلب ,وفى ملكوت
النعمة نعرفه الملك الذى أخلى نفسه آخذا صورة عبد نعرفه فى شبه جسد الخطية ,نعرفه
مصلوبا ونعرف بعد أن قام من الأموات  ,ويتحقق
ملكوت النعمة:- 1- بالمعمودية 2- والتوبة 3- والتناول من الأسرار المقدسة 4- والأيمان
5- والصلاة

1-المعمودية
:-  لابد من الكرازة لخلاص النفوس والتبشير
بيسوع المسيح والمناداه به أنه المخلص الوحيد إذ قال بطرس فى أعمال الرسل 4:  12وَلَيْسَ بِأَحَدٍ غَيْرِهِ الْخَلاَصُ. لأَنْ لَيْسَ اسْمٌ
آخَرُ تَحْتَ السَّمَاءِ قَدْ أُعْطِيَ بَيْنَ النَّاسِ بِهِ يَنْبَغِي أَنْ
نَخْلُصَ».ولأنه المسيح هو قال فى يوحنا 14: 6
6قَالَ لَهُ يَسُوعُ: «أَنَا هُوَ الطَّرِيقُ وَالْحَقُّ وَالْحَيَاةُ. لَيْسَ
أَحَدٌ يَأْتِي إِلَى الآبِ إِلاَّ بِى. وبولس الرسول أستطاع أن يغزو
أوروبا ويفتحها للمسيح وكانت رسالته تقديم يسوع المسيح وإياه مصلوبا لليهود
والعبرانيين ولسائر الأمم فهو قال فى رسالته الأولى لكورونثوس 2: 2 2لأَنِّي لَمْ أَعْزِمْ أَنْ أَعْرِفَ شَيْئاً بَيْنَكُمْ
إِلاَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَإِيَّاهُ مَصْلُوبا.وأعلن أن فى هذه البشارة
وهذا الإنجيل قوة الله للخلاص لكل من يؤمن ,والجميل أن ملكوت النعمة أمتد من آسيا
إلى أوروبا وأمتد بواسطة سائر التلاميذ إلى بالكرازة إلى جهات العالم المختلفة
,واليوم أصبح ملكوت النعمة ممتدا فى كل العالم وكان كل من يؤمن يعتمد للمسيح ,

2-التوبة :- ويتحقق
ملكوت النعمة أيضا بتوبة الذين يسمعون ,لأنه لا فائدة من الكرازة لو الناس قفلت
قلوبها وآذانها عنها دون التأثر بيها ,أن ملك المسيح يأتى فى القلب التائب
والمعمودية تبطل فاعليتها فى القلوب الغير تائبة ,وكان بطرس الرسول يتحدث لليهود
فى يوم الخمسين عن يسوع الناصرى الذى صلبوه بأيدى أثمة وأقامه الله ناقضا أوجاع
الموت جاعلا أياه ربا ومسيحا وبعدين فى أعمال الرسل قالوا فى 2: 37, 38 37فَلَمَّا سَمِعُوا نُخِسُوا فِي قُلُوبِهِمْ وَقَالُوا لِبُطْرُسَ
وَلِسَائِرَ الرُّسُلِ: «مَاذَا نَصْنَعُ أَيُّهَا الرِّجَالُ الإِخْوَةُ؟»
38فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ: «تُوبُوا وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى
اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ
الرُّوحِ الْقُدُسِ.والتوبة هى الندم على الخطية والتذلل أمام الله
والأعتراف بالحق والرجوع أليه وكما يقول السيد المسيح فى لوقا 15: 7 7أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ هَكَذَا يَكُونُ فَرَحٌ فِي
السَّمَاءِ بِخَاطِئٍ وَاحِدٍ يَتُوبُ أَكْثَرَ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ بَارّاً
لاَ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَوْبَة.يعنى التوبة أيضا هى عدم الرجوع للخطية .

3-التناول من
الأسرار المقدسة:- كما أن التناول من الأسرار الإلهية يعمل على تثبيت الملكوت فينا
,فبالأضافة لبركات العمل الإلهى فى التناول من غفران للخطايا وتثبيت وتبرير ,فالتناول
يثبت فينا ملكوت النعمة.

4-الأيمان :-
ويتحقق ملكوت النعمة أيضا بالأيمان ,فكل
نفس تقبل المسيح مخلصا وتعتمد تنضم إلى هذا الملكوت ,وكان سجان فيليبى ضمن ملكوت
الشيطان وأحس بحاجته للخلاص فسأل بولس وسيلا فى أعمال الرسل 16: 30و 31 30ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا وَقَالَ: «يَا سَيِّدَيَّ مَاذَا يَنْبَغِي
أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟» 31فَقَالاَ: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ
الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ».وكانت النتيجة أن تهلل مع
جميع بيته إذ كان قد آمن بالله , وهكذا كل الذين قبلوا يسوع المسيح أمتلأوا فرحا
ولنقول مع بولس الرسول فى رسالته لروميه 5: 1 1 فَإِذْ
قَدْ تَبَرَّرْنَا بِالإِيمَانِ لَنَا سَلاَمٌ مَعَ اللهِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ
الْمَسِيحِ ,أنت وأنا صرنا أبناء الله بالمعمودية والأيمان ,والطريق مفتوح
لكل نفس بعيدة لكى تؤمن وكما يقول الكتاب فى يوحنا 3: 16 16
لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ،
لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ
الأَبَدِيَّةُ.

5-الصلاة :- ويتحقق
ملكوت النعمة أيضا بالصلاة ,وكثيرين صلوا ذاكرين أشخاص بالأسم حتى حققت النعمة تلك
الصلوات وإنضموا إلى تلاميذ الرب يسوع ,قد صلت مونيكا فتغير أبنها أوغسطينوس النجس
وصار القديس أوغسطينوس المشهور ,وأيضا هكذا يجب أن نصلى ونقدم بعض الأسماء أمام
عرش النعمة حتى يتحقق ملكوت الله على الأرض وتصبح ممالك العالم للرب ولمسيحه.

3-دائرة
السماء
ونطلب أن يملك عليها وهذا نسميه ملكوت المجد ,هو يتم بمجىء المسيح ثانية
حيث نؤخذ أليه ونتمجد أيضا معه .

(ليأت ملكوتك) أننا نطلب أن يأتى ملكوت المجد لكى نتمتع مع المسيح مع مجيئه الثانى
والملك فى هذا الملكوت هو أيضا شخص ربنا يسوع المسيح لأنه ملك لا يتغير ولا يخلفه
أحد وعرشه دائم وملكه مستديم ولكنه فى ملكوت المجد يختلف فى سلطانه وقوته عما عليه
فى ملكوت النعمة , فى ملكوت المجد فسيأتى فى مجد أبيه لا يعرف الموت أبدا ونراه
وجها لوجه فى مجده العظيم ,نراه ملكا رفيعا ,تاجه العظمة وعرشه النعمة وقضائه
العدل ومشورته الحكمة وسلطانه المحبة ,ملك الملوك ورب الأرباب ,وأما شعب ملكوت
المجد فهو الكنيسة غير المنظورة أو جماعة المؤمنين الحقيقيين ,يلبسون البز الذى هو
تبررات القديسين كما يقول فى الرؤيا 19: 8 8وَأُعْطِيَتْ
أَنْ تَلْبَسَ بَزّاً نَقِيّاً بَهِيّاً، لأَنَّ الْبَزَّ هُوَ تَبَرُّرَاتُ الْقِدِّيسِينَ». وفى ملكوت النعمة قد نتعرض للخطية والمرض والدموع أما فى
ملكوت المجد فلا نعرف شيئا من هذا لأن هناك القداسة والصمت والترنم والفرح الأبدى
,شعب تصير لغته واحدة سماوية ,وزي واحد سماوى وأغنيته مشتركة لذاك الذى إفتداهم
بدمه ,شعب كملائكة الله الذين فى السماء ,لا يزوجون ولا يتزوجون ولا يعرفون
العداوة بل المحبة الكاملة النقية ,أذ يكونون كالمسيح الذى كله محبة ,أما الدستور
هناك فليس أوامر ونواهى بل تصبح الحياة كلها مقدسة وكاملة ,فالشريعة تصبح مطبوعة
فى القلوب والأذهان والمعرفة تامة والولاء كاملا والمحبة تملأ قلوب الجميع فى
ملكوت المجد , يجب أن نلاحظ أنه لا يستطيع أحد الدخول إلى ملكوت المجد دون أن يكون
عضوا فى ملكوت النعمة , لابد من دخول ملكوت النعمة أولا للوصول إلى ملكوت المجد ,
يعنى ملكوت النعمة هو البذرة ,وملكوت المجد هو ثمرة تلك البذرة ونضوجها ,وملكوت
النعمة بمثابة بداية النهار وملكوت المجد بمثابة النهار الكامل ونحن نصلى من أجل
هذين الملكوتين.

ومتى تحقق
ملكوت النعمة يتهيأ الجو لظهور ملكوت المجد لأن صلاة الكنيسة المستعدة ستكون كما
فى الرؤيا 22: 20 20يَقُولُ الشَّاهِدُ بِهَذَا: «نَعَمْ!
أَنَا آتِي سَرِيعاً». آمِينَ. تَعَالَ أَيُّهَا الرَّبُّ يَسُوع. فبالصلاة
والسهر والأستعداد نكون مطمئنين وطالبين سرعة مجىء الرب واليوم قريب إذ لا يتباطىء
الرب عن الذين معه وكما يقول السيد المسيح فى متى 25: 31- 34 31«وَمَتَى جَاءَ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي مَجْدِهِ وَجَمِيعُ
الْمَلاَئِكَةِ الْقِدِّيسِينَ مَعَهُ،فَحِينَئِذٍ يَجْلِسُ عَلَى كُرْسِيِّ
مَجْدِهِ. 32وَيَجْتَمِعُ أَمَامَهُ جَمِيعُ الشُّعُوبِ،فَيُمَيِّزُ بَعْضَهُمْ
مِنْ بَعْضٍ كَمَا يُمَيِّزُ الرَّاعِي الْخِرَافَ مِنَ الْجِدَاءِ، 33فَيُقِيمُ
الْخِرَافَ عَنْ يَمِينِهِ وَالْجِدَاءَ عَنِ الْيَسَارِ. 34ثُمَّ يَقُولُ
الْمَلِكُ لِلَّذِينَ عَنْ يَمِينِهِ: تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي،رِثُوا
الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ.

تعالوا نقول معا (أبانا الذى فى السموات “ليتقدس أسمك”,”ليأت ملكوتك”,”لتكن مشيئتك كما فى السماء كذلك على الأرض”)

والى اللقاء مع الجزء الخامس راجيا أن يترك كلامى هذا نعمة فى قلوبكم
العطشه لكلمة الله ولألهنا الملك والقوة و المجد إلى الأبد آمين.

أخوكم  +++ فكرى جرجس